مصير فتيات دور الرعاية الاجتماعية بين صرامة القانون و خطر الشارع

هي حالة خاصة جعلتني أهتم لتفاصيل كلماتها الملغمة بالمعنى بل المشفرة التي تحتاج إلى روح قادرة على قراءتها …
بجلستها المنهارة تنهدت نجلاء(اسم مستعار) نزيلة في وضعية صعبة بأحد جمعيات حماية الطفولة بالدار البيضاء : “فين غادي نمشي دابا و انا بقالي غير شهر على سن الرشد و ماعندي حد” …
قصص صادقة، مؤلمة، صادمة و غريبة نوعا ما تعانيها النزيلات في الجمعية ، فتيات ضحية “مجتمع حكار” لا يتجاوز عمرهن الثامنة عشر أرهقتهن الحياة ، سرقت منهن أغلى ما يملكن ،شقاء حقيقي يتضخم يوما بعد يوم خصوصا عند اقترابهن السن القانوني .
مختلفات لكن يحملن داخلهن روح حنونة رغم تعبها بضيق الحياة، نجلاء ليست سوى واحدة من بين عشرات النزيلات في وضعية صعبة اللاتي يعانين عبئ سن الرشد ، رشد يعمه المجهول ، دون مستقبل دون رفيق …
أكثر ما كان يمنحهن بعضَ الإحساس بالأمان، هو الوجود المشرق ل “ماما آسية” رحمها الله و الجمعيات الحقوقية ،لكن لنكن واقعيين و نبتعد عن الشعارات الرنانة، نعرف جليا أن الجمعية تقوم بتكوينهن مهنيا حتى بلوغهن سن الرشد، لكن هل فتاة ذات الثامنة عشرة قادرة على إيجاد عمل و تحمل عبئ هذه الحياة لوحدها في هذا السن المبكر ؟؟ هذا في حالة حصولهن على عمل !
“حنا وحدين من بزاف لي ما عندهم فين يمشيو و حتى واليدينا مكنعرفوهمش شكون غادي يقبل علينا …” بهذه العبارة التي تلتها ضحكات ساخرة و حزينة عادت نجلاء إلى غرفتها مع صديقاتها ليعدن إلى مأساة الحياة …
سأختم معاناة نجلاء و التي تمثل العديد من الشباب المغاربة الذين لا ذنب لهم سوى القدر ، لا يمكن لمجتمع أن يرتقي إلا بإرتقاء أكثر فئاته غُبنًا ، فالارتقاء اما ان يكون جماعيًا عاماً ، او هو مجرد مظاهر و أوهام .