رسالة إلى نجاة عتابو

محمد الشمسي
استمعت إلى تصريحك سيدتي “الفنانة” وأنت تصرحين بالفم المليان “الفن معندو علاقة بالسياسة” ، واستغربت لنظريتك هذه ، فإخراج الفن من رحبة السياسة ، أو إخراج السياسة من فضاء الفن ، أراه مثل فصل المخ عن الرأس ، فلا يصير المخ صالحا إلا كوجبة شواء “فوق الشواية” ، ولا يصير الرأس صالحا إلا ل”التبخار” ، فالفن يا سيدتي “الفنانة” بلا سياسة وبلا رسالة ، وبلا هدف أراه مجرد “قصارة” يحضر فيها كثير من “هزان البوط ولكتف” ومعه كلام سوقي مبتذل ، يتمايل على أنكر إيقاعاته السكارى ، ليكرس الرداءة ، ويهبط بالذوق الفني تحت الحضيض ، الفن يا سيدتي “الفنانة” بلا سياسة مثل ساعي بريد يتجول بين الأحياء بلا رسائل يوصلها لأهلها ، يتجول ب”شكارة خاوية” .
طبعا من حقك أن تقولي أن “الفن معندو علاقة بالسياسة” ، لكن هذا قد ينطبق على ما تقدمينه أنت من “فن” ولمن تسمينهم أنت ب”العشاق” ، فالفن والسياسة ملتصقين بل و “مسُوديِين” ، وقد نختلف في تعريف الفن الملازم للسياسة ، فن نزار قباني وفن محمود درويش وفن فيروز وفن لمشاهب وفن ناس الغيوان وفن مارسيل خليفة وفن بيتهوفن وفن موزار وفن فولتير و فن بوب مارلي وغيرهم كثير في أصناف الفن ومشاربه المتنوعة و المتعددة ، ألا تعلمين يا سيدتي “الفنانة” أن الثورات الكبرى التي شهدتها الدول الكبرى ، كان وقودها قصيدة أومسرحية أو لوحة فنية أو كاريكاتير حتى.
وأما جوابك عن سؤال المقاطعة وانبهارك وكأنه لا علم لك بكوكب شعب المقاطعين ، فهذا أدهشني فيك ومنك ، فأنت “بنت الشعب” على ما يبدو ، وهذه صورك لأولى بدايتك عالقة في ذاكرة اليوتوب ، فكيف تنبهرين لوجود مقاطعة من فئة عريضة من هذا الشعب لمهرجان ترينه أنت عنوانا للانفتاح والتبادل الثقافي ، ويراه الشعب تبذيرا للأموال على المغنيين والراقصات الحفاة العراة ، ممن تتبرأ منهم الثقافة والفن والموسيقى أجمعين ؟، أي تبادل ثقافي ينتجه هذا المهرجان يا سيدتي “الفنانة ” كما جاء في شهادتك ؟ ، وماذا جنينا من تبادل من النسخ الماضية من هذا المهرجان ؟ ، ومن قال لك أن في مقاطعتهم لموازين سياسة ؟ ، أراك تغنين أغنية من تأكلين من خبزهم ، وترددين أغنية “أهل موازين” ، وليس من عادتك ترديد أغان غيرك.
يا سيدتي “الفنانة” ، ما العيب في أن تخصص إدارة موازين مبلغا ماليا لبناء مسارح أو دور الشباب أو معاهد للموسيقى ؟ ، ما العيب في أن ترصد أموالا لطبع روايات أدباء مبتدئين موهوبين ومعوزين ؟ ، ما العيب في أن تنظم معارض للفنانين التشكيليين ؟ ، شتان بين تبادل ثقافي وبين ثقافة كذب ، ولم لا تتخلى موازين ولو لسنة واحدة عن “نشاطها” ، وتخصص ما نابها لبناء مدارس أو مستوصفات أو قناطر أو شق مسالك أو توفير شربة ماء ، لأهل المغرب المنسي المقصي المستثنى ، مغرب القرى التي لا توجد حتى على الخريطة ، ولا يصلها المسئولون إلا في الحملات الانتخابية ، ولا تظهر على شاشة التلفزة إلا منكوبة معطوبة ، تريدونها أن تراقصكم على آلامها وجروحها .
هنيئا لك سيدتي بشعبك العاشق ل”فنك ” وهنيئا لك بخلانك ، وقد قيل “المرء على دين خليله لينظر كل منكم من يخالل “.