الخرافة القاتلة….ظاهرة اختطاف الأطفال بالمغرب تتفاقم و الاتهامات تطال عصابات التنقيب عن الكنوز

تتكرر قضايا اختطاف الأطفال بشكل مخيف و ملفت للأنظار بالمجتمع المغربي ، و قد عرفت هذه الظاهرة خلال السنتين الأخيرتين تفاقما ملحوظا.
قضية اختفاء الطفل اسماعيل لحميدي بتنغير ، البالغ من العمر أربعة سنوات منذ الخميس الماضي ، و قبله اختفاء الطفل الحسين ذو الخمس أعوام خلال شهر أكتوبر الماضي، و قبلهما قضية الطفلة نعيمة التي اختطفت في ظروف غامضة، لتتحول إلى قضية رأي عام ، أثارت الهلع في نفوس المغاربة ، خصوصا بعد أن تم العثور على جثتها.
هؤلاء الأطفال ، ليسوا الوحيدين من اختطفوا في ظروف غامضة، و لأجل أهداف تبدو غريبة ، بل تم تسجيل العشرات من البلاغات هذه السنة عن اختفاء أطفال تم العثور على جثتهم في أماكن مختلفة ، ما يعيد فتح ملف خطف الأطفال و ذبحهم و التنكيل بهم لأجل أهداف غير معقولة.
في هذا السياق ، أكدت منظمة “ما تقيسش ولدي” بأن ظاهرة اختفاء الأطفال و عدم إيجادهم أو العثور على جثتهم لاحقا ، أصبحت محط العديد من التساؤلات من بينها كيفية محاربة هذه الظاهرة ، كما طالبت رئيس النيابة العامة ، باعتماد آلية إنذار بالاختطاف ، كتلك المعمول بها في مجموعة من الدول الغربية ، من أجل إيجاد أي طفل مفقود في مدة وجيزة و على قيد الحياة.
كما صرحت نجية أديب رئيسة منظمة “متقيسش ولدي”، بأن الدولة وحدها لا تتحمل مسؤولية هذه الجرائم التي تهز المجتمع ، بل يجب استحضار مسؤولية الأسر أيضا ، بحيث يغيب التحسيس و التوعية بهذه الظاهرة في الوسط العائلي ، و يترك الأطفال لوحدهم في الشارع.
و في المقابل يتزايد الحديث عن عصابات التنقيب عن الكنوز مع كل واقعة اختفاء للأطفال ، حيث أن معظم الأطفال المختفين ، سواء الذين تم العثور على جثتهم أو الذين لم يتم إيجادهم أبدا ، تجمع بينهم علامات تؤكد كونهم من الأطفال “الزوهريين”.
ففي قضية الطفلة “نعيمة” و التي تدمي القلب، أكد والدها بأنها “زوهرية” و كانت تعاني من إعاقة جسدية بحيث لا تستطيع المشي أكثر من 100متر ، ليعثر راعي غنم على بقايا عظامها في الجانب الشرقي بعد 40 يوما من اختفائها. و بعد القاء القبض على مرتكب الجرم و الذي اعترف أنه ألقى الجثة في أحد السيول المائية بغرض التخلص منها ، و أسفرت الأبحاث على أن المتهم له سوابق بتهمة البحث عن الكنوز و التي تعتبر جريمة بحسب القانون.
و بالعودة إلى معنى الطفل “الزوهري” المتداول في الثقافة المغربية ، حسب الدكتور في علم الاجتماع عبد الجبار شكري ، فهو شخص يحمل إحدى العلامات ، كخط مستقيم بإحدى يديه أو حول طفيف بعينيه، أو غيريها من العلامات التي يرى المشعوذون أنها تمكن هذا الانسان من التأثير على العوالم غير المرئية ، بحيث أن طقوس التضحية بهذا الطفل بالنسبة لهم هي المفتاح لايجاد الكنوز المدفونة تحت الأرض.
و بخصوص رأي العلم لهذه الظاهرة ، صرح الدكتور عبد الجبار شكري ل” گازاوي” ، أن مسألة الانسان الزوهري هي معتقد لا يعترف به العلم سواء علم النفس او علم الاجتماع ، كما أفاد أنها مسألة تنتهي دائما بالجرائم.
كما أضاف شكري معززا رأيه ” لم يسبق من ناحية الواقع أن تم إخراج كنز بواسطة إنسان “زوهري” “.
كما أكد الدكتور عبد الجبار شكري ، أنه في إطار ماورائيات علم النفس، يعترف بما يسمى علوم الطاقة و قانون التجاذب الطاقي حسب جينات الإنسان و فصائل الدم.
و بالتالي فإن مسألة الانسان “الزوهري” ، ليست إلا خرافة سائدة في المجتمع المغربي و لا يعترف بها سوى السحرة و المشعوذين و عصابات التنقيب عن الكنوز.
أما بالنسبة لرأي الدين ، فلم يذكر مصطلح الانسان “الزوهري” لا من قريب ولا من بعيد في أي من الأديان السماوية ، رغم أن المؤمنين به يزعمون أنه مشتق من أحد الكتب اليهودية المتعلقة بالشعوذة.
و رغم الظروف الاستثنائية التي تمر منها البلاد ، إلا أن العصابات التي تنشط في مجال التنقيب عن الكنوز لم تتوقف عن استئناف نشاطاتها ، بل و تفاقمت عمليات الاختطاف تنزامنا مع انشغال السلطات و المجتمع بالجائحة ، بهذا تبقى المقاربة الأمنية و التوعية و التحسيس داخل الوسط الأسري ، الحل الأنجع للحد من هذه الظاهرة.