
خسارة أخرى يتلقاها الجسم الصحفي الرياضي الوطني، بوفاة زميلنا وصديقنا العزيز ، الراحل شكري العلوي، واحد من المعلقين المتميزينباللغة الفرنسية، ومقدم برامج شهيرة، والذي اشتغل لسنوات بالقناة الثانية، وبعد التقاعد الإداري ارتبط في المدة الأخيرة براديو مارس، حيثانظم لفريق “مارس أطاك“.
بالفعل خسارة كبيرة، لأننا فقدنا في شكري الصحفي اللامع، بعطاء سخي خاصة بالتعليق الفرنسي الذي لا توجد فيه وفرة على الساحةالوطنية، فهناك قلة قليلة من الزملاء الذين يتقنون التعليق بلغة موليير، كشكري الذي شكل مدرسة حقيقية، طيلة سنوات عديدة.
والجمهور الرياضي لا يمكن أن ينسى تعليقه المباشر ولسنوات على مباريات الدوري الإيطالي، خلال فترة التسعينات، عندما كان الكالشيوالأحسن على صعيد القارة الأوروبية، بفضل قوة أنديته وقيمة اللاعبين، كان رحمه الله دقيقا في وصفه، متتبعا لكل التفاصيل، بنفس طويل،ساعده في ذلك حبه الكبير لكرة القدم، وعشقه اللامتناهي للأداء الجميل، والفن الراقي فوق المستطيل الأخضر، وهو العاشق لكل ما هوأخضر.
ساعد شكري أيضا، في التحول بسرعة إلى اسم لامع وشخصية عمومية محترمة، إتقانه للغة الفرنسية بطريقة السهل الممتنع، وأيضا صوتهالرخيم الذي لا يزعج الأذن، بل بالعكس تتمنى لو لم تنته أطوار المباراة، حتى تستمر في سماع صوته وتعليقه الذي يشدك بسلاسته، وانتقالهالسهل بين فترات المباراة، مع الحرص على مد المشاهد بمعطيات دقيقة حول الفرق واللاعبين والمدربين، في وقت لم تكن المعلومة متوفرةبالشكل الحالي، ولم يكن بإمكان المشاهد والمتتبع، الحصول على كل التفاصيل كما يحدث اليوم، حيث أصبح بالإمكان لأي متصفح للمواقع،ولمحركات البحث، أن يجد ضالته بسرعة كبيرة، وفي زمن قياسي.
بالإضافة إلى مميزات العلوي الصحفي الرياضي البارز، هناك شكري الإنسان الطيب الخلوق، والذي يعطي للصداقة حقها، صاحبالابتسامة التي لا تفارق محياه، المولود بحي بوركون بقلب الدار البيضاء، وبالضبط شارع الزيراوي، الذي نسج فيه علاقات صداقة وأخوة واسعة، لم تحد شهرته الواسعة منها، بل ظل حريصا على الاستمرار في تقوية هذه العلاقة الإنسانية الرائعة، سواء مع أبناء الحي الذي نشأفيه، أو الأصدقاء الذين اكتسبهم بعد الاشتغال كصحفي رياضي، حيث حافظ إلى آخر أيامه على مبادئ الاحترام والتقدير التبادل، إلىدرجة من النادر أن تسمع أن لشكري على خلاف أو خصومه مع أي كان.
كان شكري صحفيا يحظى بتقدير كل المتدخلين في المجال الرياضي. فبالرغم من أنه رجاوي حتى النخاع، لم يكن يخف أبدا عشقه للقميصالأخضر، رغم انتمائه لمنطقة توصف بمعقل الوداديين، و ظل دائما يحظى بالتقدير، ولم يسجل عنه أنه دخل في سجالات عقيمة ونقاشاتهامشية كتلك التي تنتهي غالبا بحدوث مناوشات، وخلافات تتطور في بعض الأحيان إلى أشياء بعيدة عن الرياضة.
رجاوي حقيقي نعم، مفتخر بذلك من دون شك، لكنه كان يكن الكثير من الاحترام للطرف الآخر، أي للوداد، وقد بادله الوداديون نفس التعاملالراقي، ونفس الطريقة المثلى في كيفية تدبير الاختلاف في العشق، بالحفاظ على حسن الروابط و نبل العلاقات الإنسانية.
هذا هو شكري العلوي الصحفي والإنسان الذي شكل منبعا خصبا للعطاء والتأطير والتكوين، ومد الأجيال الحالية والقادمة بخبرته وحنكته،وتفوقه في المجال التعليق التلفزي، وهى مميزات اكتسبها بفضل اشتغاله في المجال السمعي البصري لسنوات طويلة، إلا أن الموت لم يمهلهليغادرنا في ومضة عين، دون أن يتمكن من مد الخلف بكل ما يملكه من مميزات اجتمعت فيه وتفرقت في غيره.
خسارة،، خسارة، خسارة كبيرة، ويصعب أن تعوض، ومن الصعب أن يجود الزمان بمثل شكري العلوي الصحفي المتميز والإنسان الرائع.
رحمك الله يا عزيزي، وإن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن لفارقك القاسي والصعب على التقبل.