محمد باطما .. الشاعر

العربي رياض

0

إنه كلمة لمشاهب ، هكذا يصف فنان لمشاهب وعازفها الكبير المرحوم الشريف لمراني صديقه وزميله الشاعر والفنان محمد باطما في مذكراتها التي دونتها معه بجريدة الاتحاد الاشتراكي في 2001 ، مضيفا لقد كان محمد باطما رجلا استثنائيا له مكانته الخاصة ضمن أفراد المجموعة فهو قبل كل شيء إنسان نبيل وشهم ، تأليفه له طعم خاص لن يتعبك في اللحن وسلاسة التوزيع الموسيقي وهي ميزة نادرة جدا .
العربي باطما بدوره قال في تصريحات صحفية مختلفة ” أخي أزجل مني ” متحدثا عن محمد باطما كزجال وشاعر ، كل من عاشر هذا الفنان يعرف أنه رهيف الإحساس زاهد كثيرا له عمق فلسفي في أشعاره وأزجاله ، قارئ نهم ، عفيف قليل الكلام كاره لحب الظهور محبوب جدا من طرف الجميع ، يتألم بآلام الناس فعلا وليس كتابة فقط ، فيحكي واحد من من مجالسيه وأصدقائه وهو محمد الواصي ، بأن محمد باطما مرات عديدة تصدق بكل مايوجد في جيبه ولا يترك لنفسه فلسا واحدا وكم مرة ، يجوب في أنحاء الحي المحمدي ويرمي نقودا ولما يسأله الواصي لمذا يفعل ذلك يرد عليه ، تخيل أن يجد شخص ما وهو مقهور هذه النقود على قلتها ، تخيل معي شعوره في ذلك الصباح ، هذا هو السي محمد الذي يتسلح فقط بقلم وكل الأوراق دفاتره ، يكتب على كل ما يجده أمامه من علب أعواد الثقب وغيرها من علب كارطونية مناديل المقاهي وغيرها ، المهم أنه سيكتب وسيظل يكتب وكذلك كان .
مبادرة جديرة بالانتباه والاهتمام تلك التي قام بها أقرباء واصدقاء على رأسهم الشاعر والزجال المقتدر الأستاذ عبدالرحيم باطما ، حين تم التفكير في جمع ما كتبه الفقيد ووضعه في ديوان تماشيا مع ما أوصى به محمد باطما أصدقاءه وأقاربه ، حيث تم جمع جل ما كتبه المرحوم ودونه في أوراق متناثرة ظل بعضها عند أصدقاء وأخرى عند أقربائه وأخرى صدرت كأعمال فنية سواء مع لمشاهب أو مسناوة جمعها الديوان في فسحة من 144 صفحة تضم 33 قصيدة زجلية ، بعنوان ” هاك شرابك يا صهيون ” ، مدخل الديوان وطأت له أنامل الأستاذة نعيمة بنشريطة معتبرة الديوان كطائر الفينق المنبعث من رماد الزمن ليعلن تحديه للغياب ،حيث يحضر من خلاله المرحوم محمد باطما ليعيش معنا وفينا ، مشيدة بالمبادرة التي تعد توثيقا لمساره الفني الذي يعد بمثابة أكاديمية متعددة التخصصات ، مفردة مختلف الميزات التي تضمنها زجله، كفن العتاب من خلال قصائد مثل ” ما انتوما مشاهب ” ، وغرض العشق من مثل قصيدة ” يا البنت الزينة ” ، وأيضا غرض التمرد حيث تقول الأستاذة نعيمة : تمرد فكان نموذجا للثوري والمناضل الذي لا يجف حرفه ، من خلال قصائد مثل ” يومك جاك ” ، وسردت نعيمة مختلف الأغرض التي باشرها محمد باطما وتفاصيل الوصف لديه حيث رسمت بعض أعماله قواعد الأخلاق وكأنه تتلمذ على يد فيلسوف ، وأخرى خاضت في القومية وأخرى رست على المعاناة ، لتخلص بأن فكر الشاعر محمد باطما مكنه من رؤية واعية لبعض من جوانب الحياة .
الديوان قدم له الأستاذ علي مفتاح بعنوان قوي وهو ” أشهد أن محمدا أزجل من الموت ” ، مقدمة طويلة ومشوقة جدا نختصر منها ما أورده علي مفتاح في البداية ” هكذا كان .. يردد صوت ذلك السيل الجارف الذي يسكنه ، كان ولم يعد بل عاد ولم يكن عادياكما بقية أترابه، محمد باطما اقتفى أثر الجمال الذي يسكنه حد الهوس ، مشى خلف الطفل الذي كان يركض بين ضفاف أم الربيع ليلتقط معجما سيرافقه هكذا كان ، يردد صوت صوت ذلك السيل الجارف الذي كان يسكنه ، كان ولم يعد في رحلته نحو عمق الكلمة واقتناص الدهشة بكل ألوان الإبداع ، محمد كان يعي جيدا أن الطفل الذي بداخله، وهو المشبع حد الثمالة بصور للطبيعة والأرض الخصبتين ، سيرافقه في مسيرته سيمشي معه وفق إيقاع الدهشة الكامن خلف ما ستلتقطه عدسة الروح قبل العين .. “

قد يعجبك ايضا المزيد عن المؤلف

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.