فيروس كورونا: لماذا العالم مهدد بموجة ثانية أشد شراسة؟

لم تكد تمض بضعة أشهر على استقرار وضعية وباء كوفيدــ19 التي أودت بحياة مئات الالاف من الأشخاص حول العالم، حتى دخلت مجموعة من الدول بشكل عنيف في الموجة الثانية لفيروس كورونا كما توقع معظم المتخصصين في علوم الأوبئة والفيروسات. غير أن الإحصائيات الحالية تأكد أن سرعة انتشار الفيروس الكبيرة فاقت كل التوقعات، اذ لم يتوقع أحد أن تكون الموجة الثانية أشد قوة وفتكًا من سابقتها مما ينذر بحصيلة أسوأ ان لم يتم احتواؤها. ويعتقد أن تختلف حدتها من بلد إلى آخر وحتى من منطقة إلى أخرى، حسب الإجراءات التي ستتخذها كل حكومة ورد فعل المواطنين على التدابير المقترحة أو المفروضة.
ويشير العديد من الخبراء إلى إن الوضعية الحالية للوباء هي نتيجة حتمية لرفع الحجر الصحي الذي اعتمدته أغلب الدول لمواجهة الركود الاقتصادي الذي أنهكها وألحق خسائر جسيمة بالقطاعات التجارية والصناعية والحرفية خاصة لدى الفئات الهشة والحرفيين الصغار. وإذا كانت هاته التدابير قد سمحت للاقتصاد باستعادة أنفاسه نسبيا بعد أسوأ ركود اقتصادي تم تسجيله منذ عشرينيات القرن الماضي، فإن رفع الحجر الصحي خلق شعورا وهميا بالأمان لدى البعض بأن الوباء قد انحسر مما أدى إلى التراخي في الالتزام بالخطوات الوقائية كارتداء الكمامات وتحقيق التباعد الاجتماعي. كما أن إعادة فتح المدارس والعودة إلى العمل، وزيادة التواصل الاجتماعي خلال العطل أدت إلى الانتشار السريع للفيروس التاجي وارتفاع أعداد المصابين والوفيات بين كبار السن والشباب، فرغم أن معدل الوفيات بين الفئة الشابة ليس مرتفعا إلا أن الأطباء يحذرون من عواقب الاستهانة بالفيروس التاجي، حيث تشير الأرقام إلى ارتفاع سريع في عدد الإصابات بين الفئة التي تتراوح أعمارها بين 18 و 35 سنة. وبالرغم من المجهودات المبذولة من أجل الرفع من عدد اختبارات الكشف اليومية لم يتم التغلب على انتشار الوباء أو محاصرته، وهو ما أنهك الأطر الطبية والأطقم الشبه طبية ومقدمي الخدمات الاجتماعية الذين اضطروا إلى مضاعفة جهودهم من أجل احتواء هذا الارتفاع المفاجئ في الإصابات ومعدل الدخول إلى المستشفيات، ووحدات العناية المركزة.
ما هو مؤكد اليوم هو أننا معنيون جميعا بالمساهمة في خلق مقاربة جماعية تجمع بين الأولوية الصحية والأولوية الاقتصادية من أجل الحد من الارتفاع المهول في عدد الإصابات اليومية وتجنب حجر صحي جديد قد يودي باقتصادنا إلى الانهيار. فرغم تقدم البحوث الجارية في مختلف بلدان العالم من أجل تطوير لقاح فعال والتي وصل أغلبها لمرحلة الاختبار الثالثة، فإن العديد من الباحثين يؤكدون أننا مجبرون على التعايش مع الفيروس خلال الأشهر القادمة. لذا وجب علينا اتباع الإجراءات الوقائية في الأماكن العامة، واعتماد العمل عن بُعد كلما أمكن من أجل تخفيف الاتصالات المباشرة بالأشخاص الحاملين للفيروس وتخفيف الضغط على وسائل النقل العام مما قد يساهم في احتواء الوباء والحفاظ على صحة المواطن وضمان ديمومة المؤسسة الاقتصادية.