“كورونا” جديد يضرب التعليم الخصوصي من فصيلة “أنا مقاول”

0

•محمد الشمسي

خرج صاحب مدرسة خصوصية بتسجيل مستفز فيه كمية غير عادية من “الحكرة”، وصف فيه الآباء والأمهات الرافضين لأن تأكل المدارس الحرة أموالهم بالباطل، وصفهم بالجاهلين والتافهين، وشدد على أنه مقاول ورددها أكثر من عشر مرات، و أكد أن “التربية هي بيزنس”، وأن مشروعه هو مقاولة قبل أن تكون مدرسة، وأنه يؤدي الضرائب ويرغب في الربح لإحداث مدارس أخرى وتوسيع مشروعه، وأن ظروف الآباء والأمهات لا تعنيه، وأن تحديد الواجبات المالية لمدرسته تكون على مزاجه و”اللي معجبو حال ميقيدش ولدو”.
كم كان المتحدث ــ ولا نقول الرجل ــ صادقا مع نفسه، فتلك هي حقيقة الاستثمار في المدارس الخاصة، يتحول فيها التلاميذ إلى مجرد”رؤوس في الإسطبل”، ويصبح فيها الإسم مرادفا لواجب شهري، ويصبح “قليل الترابي” حارسا على التربية والتعليم والتكوين، لكن المؤلم في التسجيل أن صاحبه يتحدث عن مدرسة تتحكم في مصير الأجيال ومستقبلها الذي يرهن مستقبل وطن، كأنه يتحدث عن مقاولة تصنع “السطولا” أو “الصبابط” أو “لقوالب”.
أنت فعلا مقاول يا سيدي وماذا بعد؟، وأنت تدفع الضرائب وماذا بعد؟، لكنك لم توضح في التسجيل سندك في سلب الآباء والأمهات أموال تسمونها ب”إعادة التسجيل والتأمين” ، فإذا كنت فعلا صادقا مع نفسك فيجب عليك أن تربح حلالا، لماذا لا تسلمون للآباء والأمهات فواتير عن تلك المبالغ الضخمة التي تأكلونها أكل السحت؟، فأين هي الضرائب التي تتحدث عن أدائها وتظهر نفسك للناس مقاولا مواطنا؟، ولم تقل في تسجيلك كيف تنتقي طاقمك التربوي؟، أليس غالبيته هن مساعدات قليلات الحيلة وعديمات الوسيلة تعينهن “كريسونات” لسيارات النقل ثم معلمات بلا تكوين ولا مستوى تعليمي أو ثقافي؟، وحتى النخبة المجازة في مدرستكم، كم هي رواتبها مقارنة مع مهامها؟، وهل هي مصرح بها لدى صندوق الضمان الاجتماعي؟، أرأيت كيف أنها مجرد أسئلة قليلة تحولك من مقاول كما يروقك إلى “مصاص الدماء”.
شكرا على شهادتك في حق التربية والتعليم وفي حق التلاميذ الذين تغتني من براءتهم، فقبل شهادتك هذه كنا نجهد أنفسنا لأن نقول لأمثالك أنكم “بيزنس مان” فيرفضون ويقولون إن تربية وتعليم الأجيال تتنافى مع فعل البيزنس وتقديم الربح ، وأنهم “عايشين غير بالبركة”، وكنا نعلم أنهم يرومون تقية شيعية يخفون بها الحقيقة التي تقول إنه خلا لكم الجو فاستفردتم بالمواطنين واستحللتم أموالهم، وشربتم عرقهم، بعدما مرض كائن كان قويا ذات سنة اسمه المدارس العمومية.
في الختام دعنا نحيي المدارس الخاصة المواطنة التي يملكها شرفاء أخيار أحرار وشريفات خيرات حرائر، اقتسمت الآلام والمعاناة مع الآباء والتلاميذ بإعفاءات وتخفيضات وتسهيلات، وهم أيضا يدفعون الضرائب وأجور أطقمهم، وهم أيضا مقاولون ومقاولات لكنها لا تجوع البطون بل تجوع القلوب والعقول، وأما الآباء والأمهات الجاهلون والتافهون فيقولون لك أيها المقاول بصوت واحد، “إلا كنتي مقاول بزعطا”.

قد يعجبك ايضا المزيد عن المؤلف

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.