إبراز تجليات تراث الملحون في إبداع المجموعات الغيوانية في لقاء بالدار البيضاء

0

التأم مجموعة من الفنانين والباحثين في لقاء احتضنه أمس الأحد فضاء المركب الثقافي أنفا بالدار البيضاء، من أجل إبراز ومناقشة تجليات تراث الملحون في إبداع المجموعات الغيوانية، مع التركيز على علاقة هذه الأخيرة، ومجموعة “ناس الغيوان” على وجه التحديد، بفن الملحون.
وبهذا الخصوص، كشف عزيز المجدوب، صحافي وباحث، أن تجربة “ناس الغيوان” انبثقت من رحم التجربة المسرحية للفنان الراحل الطيب الصديقي ، وتجارب مسرحية قبلها والتي كانت “هاوية”، مما ساهم في تشبع أعضاء مجموعة “ناس الغيوان” بفكرة الاشتغال على التراث، خاصة منه الملحون. وأوضح المجدوب أن هذا الورش الفني الذي كان قد فتحه الراحل الطيب الصديقي انبثقت عنه مجموعة “ناس الغيوان” بأبعادها التي تتضمن استعادة للأشكال الفرجوية والغنائية التراثية.
وتناول المجدوب أيضا التقاء مجموعة “ناس الغيوان” ومسرح الطيب الصديقي، في الشق المتعلق بإعادة بعث التراث من جديد ، خاصة بعد عودة الصديقي من فرنسا وتأسيسه لتجربة المسرح العمالي، وتوليه مسؤولية رئاسة المسرح البلدي، حيث دخل في مرحلة ثانية من مساره الفني قوامها استعادة الأشكال الفرجوية ما قبل المسرحية . وتابع أن مشروع الصديقي انصب على المسرح، فيما ركز أفراد “ناس الغيوان” على الشق الغنائي. وقال في هذا السياق ” داخل مسرح الراحل الطيب الصديقي ظهرت مجموعة من التجارب التي تضم مزجا بين الأداء التمثيلي المسرحي والغنائي عبر استثمار التراث، قبل أن تتطور التجربة لتعطي مجموعة ناس الغيوان في شكلها المعروف “.
وتطرق أيضا، إلى الجانب المتعلق بكيفية استلهام مجموعة “ناس الغيوان” لنصوص الملحون من خلال مقاطع أو قصائد كاملة، يتم نقلها من سياقها الذي أنتجت فيه وإعطائها مضمونا اجتماعيا وسياسيا مرتبطا بالمرحلة الزمنية التي ظهرت فيها، وهي القرن العشرين”. من جهته، تحدث حسن حبيبي ( أستاذ جامعي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالدار البيضاء) عن الإسهام الفني للمجموعات الغنائية، لاسيما “جيل جيلالة”، و”ناس الغيوان”، و”لمشاهب”، وغيرها من الفرق التي أسهمت بالفعل في إنماء وإثراء تراث الملحون وإحيائه أيضا.
وأضاف أن تراث الملحون كان حكرا على مجموعات ما يسمى ب”لم لا ح ن ية”، قبل أن تنجح المجموعات الغيوانية في تكسير هذه القاعدة ، بجعل هذا التراث فنا قريبا من الشباب، باعتبار أنها قامت بتكثيف القصيدة وتحويلها من إنشاد فردي إلى جماعي، مما جعل الملحون مستساغا لدى المغاربة ومتداولا عند الشبيبة بعدما كان من قبل حكرا، فقط، على مرتاديه ومحبيه المنتشرين، خصوصا في المدن التاريخية، مثل فاس، ومكناس، وسلا، ومراكش…
وفي ذات السياق، وقف مولاي عبد العزيز الطاهري، أحد مؤسسي مجموعتي “ناس الغيوان” و”جيل جيلالة، على مصطلح “التجلي” في معنييه الصوفي والديني، وكيف يأخذ سياقات أخرى فنية ترافق وجدانيات الشعراء.واستحضر المنهجية التي يتناها عدد من شعراء الملحون من أجل إضفاء هذه الروحانيات على المواضيع التي تعكس البؤس والتعاسة والحرمان وعدد من المآسي والكوارث، لخلق نوع من الاسترحام والشفقة داخل المجتمع. وقال: “الملحون له عدة أغراض، لكن الغرض الحقيقي الذي تناولته المجموعات الغيوانية هو الذي يصب في هذا المنحى”.
وبمناسبة هذا اللقاء، تم تكريم كل من ، الفنان عمر السيد العضو المؤسس لمجموعة ناس الغيوان، والزجال مولاي عبد العزيز الطاهري، ومؤسسة الفنان الراحل الطيب الصديقي في شخص ابنه بكر الصديقي.

قد يعجبك ايضا المزيد عن المؤلف

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.