الشمسي محمد يكتب: الجريمة هي اعتبار “أخنوش ارحل ” جريمة

لم يتم الحسم في ذلك الفيديو الذي تم تداوله على نطاق واسع يظهر فيه متجمهرون من الخلف ، بمناسبة نشاط ملكي في مدينة طنجة ، وهم يهتفون “ملكنا واحد محمد السادس ” ، ثم تنضاف إلى أصواتهم وتختلط معها أصوات تهتف “أخنوش ارحل ” ، هناك من قال إن الفيديو مفبرك خضع لعملية ميكساج ومونطاج ، في ظل انتشار التطبيقات التي تجعل عملية كتلك يقوم بها مبتدئ في عالم الغش الإلكتروني ، وهناك من قال بأن الفيديو صحيح ، وأن الحناجر هتفت فعلا بصيحتها تلك ، وهناك من اتهم الهاتفين ب”الفتنة” ، وهناك من اعتبرهم مجرد وسائل تنفيذ لأياد خفية لم يقو أحد على تسميتها ، وإلى هنا يبدو الكلام طبيعيا ، وسواء أكانت الهتافات مخطط لها أم جاءت عفوية ، فإن الأمر عادي ، الذي ليس عاديا هو استغلال قبة البرلمان لطرح سؤال على وزير العدل التجمعي ، من طرف نائب برلماني تجمعي ، حول ذلك الفيديو ، مع محاولة مفضوحة للزج بجلالة الملك في واقعة جلالته عنها بعيد ، وهو أكبر منها ، والذي ليس عاديا هو قرار وزير العدل التجمعي بفتح تحقيق في الواقعة ، في تعد وتدخل واضح في مهام سلطات النيابة العامة المؤهلة دون غيرها بالتحقيقات القضائية .
وبالرجوع إلى مقطع الفيديو ، ولنعتبره صحيحا وغير مفبرك ، فما هي الجريمة التي تحملها عبارة “أخنوش ارحل” ؟ ، أهو الهتاف بها بمناسبة مرور الموكب الملكي هو الذي يجعل منها جريمة ؟ ، أليس في القانون نص صريح يقول “لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص” ، فما هو النص القانوني الذي ينطبق على هذا السلوك ؟ ، أليس السيد عزيز أخنوش شخصية عمومية لها مؤيدون ولها معارضون ، وممارسة المعارضين لحقهم في التعبير عن أحاسيسهم السياسية في وجه شخصية عامة يكفله لهم القانون ؟ ، ثم إن العبارة الواردة في الفيديو هي “اخنوش ارحل” ، والمقصود هاهنا هو أخنوش الرجل المواطن ، وليس أخنوش الزعيم السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار ، فكيف يتم استغلال منصة البرلمان للدفاع عن شخص ترفضه فئة من الشعب ، وقرروا الإفصاح عن رفضهم له ؟ وكيف يريدون إقحام المؤسسة الملكية بجلالة قدرها في ما هتف به مواطنون أحرار ، أليس سؤالهم في برلمان الشعب المخصص أساسا للتشريع ومراقبة الحكومة وليس للدفاع عن الأشخاص هو الفتنة عينها ، ثم ألم يهتف عدد من الناس في الرباط وبمناسبة مرور الموكب الملكي بمعاناتهم في دور الصفيح ، وبالتلاعبات التي طالت ملف إعادة إيوائهم ؟ ، ألم يتجاوب جلالته مع هتافاتهم وقصدهم وتسلم منهم رسالة ، فاستغلال فئة من الشعب لمرور الموكب الملكي للهتاف بالآهات هو استنجاد بجلالة الملك الذي يبقى هو الأب العطوف على هذا الشعب ، الذي ما فتئ جلالته يخاطبه في كل خطبه السامية ب ” شعبي العزيز ” ، في وقت وصف وزير تجمعي هذا الشعب العزيز على الملك ب”المداويخ” ، فالملك هو ملاذ الشعب و منقذه من مخالب قوم طغوا واستكبروا ، واستخسروا في الشعب صيحة يعبرون فيها عن موقفهم السياسي من شخصية عمومية ، وليس الأمر كما يحاول “شيعة أخنوش” تصويره من أنه “قلة احترام من فئة من الشعب لمرور موكب الملك” ، فأخنوش هو سياسي ووزير ومتحزب ، له أنصار يستغلون البرلمان للدفاع عنه ، وله خصوم يستغلون مرور موكب جلالة الملك للمطالبة برحيله ، فأين الجريمة ؟ ومن يكون قد اقترفها فعلا ؟ .
ثم إن قرار مقاطعة محطات غاز أخنوش ، دون باقي المحطات وتكبيده خسائر بملايين الدراهم ، لهي الفيديو الذي يكرر نفسه كل يوم ، يؤكد أن فئة عريضة من الشعب ترفض أخنوش ، وتقاطع شركته ، وترفض الزواج الكاثوليكي بين المال والسياسة ، فما عسى التحقيق الذي أمر به وزير العدل أن يحقق من نتائج ؟ ، هل يريدون أن يكتبوا أخنوش بقلم أحمر يمنع الهتاف ضده ؟ ، فأما “ارحل ” فقيلت لمن هم أكثره نفوذا وجاها ، فرحلوا على الفور و في هدوء ودون ضجيج ، ومن كان يعبد أخنوش فأخنوش مجرد وزير ستنتهي ولايته ، ومن كان يؤمن بالدستور والقانون فعبارة “أخنوش ارحل” ليست جريمة ، والجريمة كل الجريمة أن نعتبر”اخنوش ارحل ” جريمة ، ونستغل قبة برلمان الشعب للدفاع عن مواطن لا يطيقه عدد كبير من الشعب ، فتكون الجريمة هي أن نفرض الرجل على الشعب فرضا ، كما تجبر الفتاة القاصر على الزواج من عجوز هرم .