وطنية

الاتحاد الأوروبي يصفع البوليساريو ويختار الواقعية

بعد اختياره الاستراتيجي للمملكة لإقامة ” شراكة أورو – مغربية من أجل الازدهار المشترك “، وهي مرحلة جديدة وإطارا غير مسبوق في جواره، يكون الاتحاد الأوروبي قد قام بخطوة إضافية في علاقته مع المغرب.

ويتعلق الأمر بإطار جديد للشراكة تساوي بين الطرفين، وتخرج الاتحاد الأوروبي من قيوده كمانح للدعم المالي أو مقدم للدروس ليصبح شريكا حقيقيا للمغرب أمام رهانات العالم المعاصر، وليكون في موعد الانتظارات المتبادلة.

ويعد هذا الإطار القانوني الجديد، الذي يندرج في دينامية متعددة الأطراف وشاملة، ثمرة تقاسم قيم مشتركة، وأيضا لجهود مكنت من إقامة علاقات مغربية أوروبية في جو من الصفاء، والاستدامة، والتميز.

إنه فجر جديد لهذه العلاقة، التي تمكنت من تجاوز الصعوبات إلى درجة يمكن القول بأن سنة 2015 السيئة كانت ضرورية للانطلاق على أسس سليمة.

إن أولئك الذين كانوا يحلمون بخلق صعوبات للشراكة الأورو مغربية لهم الدليل القاطع على أن المغرب ، اليوم، موحد وراء ملكه، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، قوي بمشروعية حقوقه، ومنخرط بحزم في دينامية للتنمية لا مثيل لها، بصدد بناء مستقبله بكل ثقة، ويتحمل مسؤولياته ويمضي قدما نحو الأمام.

كما أنه ملتزم بقضية تنمية إخوانه الأفارقة، والذي يرى مستقبلهم من خلال تنمية شاملة ومندمجة، قادرة على تحرير القارة من ثقل إرث الماضي الاستعماري لتصبح فضاء للازدهار المشترك.

وهكذا أصبح المغرب، الذي يشكل نموذجا متفردا في المنطقة، اليوم شريكا لا محيد عنه للاتحاد الأوروبي في إطار تعاقدي قائم على المساواة، والإنصاف، والتقاسم.

فقد أدركت أوروبا أخيرا أن المغرب لا يمكنه، عند كل تجديد للاتفاق، هدر طاقاته من أجل إحباط الكمائن القانونية، أو الضربات البرلمانية الملتوية.

إنها علاقة بلغت مستوى من النضج لا يمكن أن تتلاءم مع الترضيات التي ترد في البلاغات أو المعبر عنها في الصيغ الدبلوماسية، بل مع مبادرات ملموسة تأخذ بعين الاعتبار مستوى تطور هذه العلاقة ومكانتها في المجموعة الدولية.

فالمغرب، الفاعل الذي يحظى بالاحترام على الساحة الدولية، له مكانة أساسية في البحث المشترك عن أجوبة للتحديات الراهنة سواء تعلق الأمر بقضايا التنمية، أو البيئة، أو الهجرة، أو الأمن، أو الاستقرار الإقليمي.

ويعتبر الإطار القانوني الجديد للشراكة للاتحاد الأوروبي لإقامة فضاء للازدهار المشترك، علامة إضافية في البناء الجماعي.

هذا الإطار القانوني الجديد، الذي تم تسجيله في ” الإعلان السياسي المشترك “، وهي وثيقة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات المغربية – الأوروبية، والذي تمت المصادقة عليه في اختتام أشغال الدورة ال 14 لمجلس الشراكة المغرب الاتحاد الأوروبي، وجه صفعة للمحاولات اليائسة للجزائر والبوليساريو المس بالانخراط القوي للمغرب وأوروبا من أجل تعزيز شراكتيهما الاستراتيجية وتعميق تعاونهما المثمر في جميع المجالات.

كما يحمل تكذيبا رسميا للادعاءات الزائفة لأعداء المغرب حول استغلال موارد الأقاليم الجنوبية، واستفادة الساكنة المحلية منها.

إنه تأكيد لا لبس فيه على الطابع غير القابل للتفاوض للوحدة الترابية للمملكة وأسس الموقف الوطني الصارم وغير قابل للتصرف والمتعلق بقضية الصحراء المغربية، وكذلك إزاء الحفاظ على مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية.

ومن خلال إبرازه للحل السياسي القائم على الواقعية والتوافق، وفي إشارة إلى القرار الأممي الأخير، من شأن الموقف الجديد للاتحاد الأوروبي حول القضية الوطنية، والذي تم التعبير عنه بالإجماع، وتسجيله في وثيقة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات الثنائية، تحريك الخطوط.

ففي ” الإعلان السياسي المشترك ” الذي صدر في ختام الدورة ال 14 لمجلس الشراكة المغرب الاتحاد الأوروبي، المنعقد اليوم الخميس، ببروكسل، أكد الاتحاد الأوروبي على الجهود الجادة وذات مصداقية ” التي يقوم بها المغرب من أجل الحل النهائي لقضية الصحراء المغربية.

وبذلك، يكون الاتحاد الأوروبي قد كرس سمو المقترح المغربي للحكم الذاتي بصفته الحل الأكثر مصداقية، وواقعية وقابلية للتحقيق لهذا النزاع الإقليمي المفتعل.

وكما هو الشأن بالنسبة لمجلس الأمن، فإن الموقف الجديد للاتحاد الأوروبي، الذي يشكل نكسة تاريخية كبيرة لأعداء الوحدة الترابية للمملكة، يستبعد بشكل نهائي أي نقاش حول المفاهيم المبتذلة التي ترددها الجزائر والبوليساريو. فالاتحاد يطالب من الآن فصاعدا بدعم ” حل سياسي، عادل، وواقعي، وعملي، ومستدام ومقبول من جميع الأطراف لقضية الصحراء ” و”الذي يقوم على التوافق”.

وبذلك، تكون خرافة ” الاستفتاء ” قد انتهت ، وكذا خدعة ” تقرير المصير ” أو أيضا حيلة ” الشعب الصحراوي “، والتي لم تعد حاضرة سوى في مخيال أولئك الذين ابتكروها.

فقد تم تطهير الأدبيات الأوروبية من هذه المصطلحات السخيفة والسامة، حيث فطن الاتحاد الأوروبي إلى أن محتضني هاته الأطروحات الزائفة لا يخدمون السلام والاندماج، ولا مستقبل المغرب العربي وأوروبا، بل يخدمون فقط المخططات الانفصالية والانقسامات.

كما اكتشف الاتحاد بنفسه أن الممثلين الحقيقيين للساكنة الصحراوية هم أولئك الذين تفاوض معهم حول اتفاقياته التجارية. فسواء في البرلمان الأوروبي أو بمناسبة الاجتماعات التقنية أو خلال الزيارات الميدانية، اطلع الاتحاد الأوروبي على المشاريع في عين المكان، ورأى كيف تنتشر وتتعزز الديمقراطية التشاركية. فقد جاء، ورأى واستمع كيف يعمل المغرب بحزم ومسؤولية من أجل تحسين المعيش اليومي للصحراويين المغاربة على غرار إخوانهم في شمال ووسط المملكة من خلال برامج للتنمية المتكاملة والشاملة والتي تضع العنصر البشري في صلب اهتماماتها.

ويدعم موقف الاتحاد الأوروبي المغرب في خياراته التي تمت بطريقة حرة وديمقراطية من خلال مقترح الحكم الذاتي الموسع، والذي يشكل الحل السياسي المنسجم تماما مع معايير الأمم المتحدة والمتمثلة في البراغماتية، والواقعية، والاستدامة، وروح التوافق.

وبالإضافة إلى الإجماع الذي تحظى به على المستوى الوطني، وخاصة لدى الساكنة الصحراوية في الأقاليم الجنوبية، بالنظر إلى أنها تمكنهم من تدبير، بشكل أفضل، لشؤونهم المحلية، يحظى مقترح الحكم الذاتي بدعم واسع من طرف المجموعة الدولية التي ترى فيه الحل الوحيد القادر على توحيد المغرب العربي حول مشروع للاندماج الاقتصادي والسياسي قابل للتحقيق.

كما أن موقف الاتحاد الأوروبي تطور بشكل عميق لينسجم بشكل رسمي وصريح مع مبادئ الأمم المتحدة، من خلال دعوته ” لجميع الأطراف من أجل مواصلة انخراطهم بروح من الواقعية والتوافق، في سياق تسويات طبقا لأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة”.

وبالتالي يكرس الموقف الأوروبي بوضوح دور الجزائر كطرف كامل في هذا المسلسل السياسي، حيث عبر عن قناعته بأن ” تسوية للاختلافات والتوترات التي تؤثر على المنطقة ستقوم بدور جد إيجابي ” من أجل ازدهار مجموع منطقة المغرب العربي وتنمية الشراكة مع أوروبا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى