الدين والديمقراطية عنوان ندوة بسيدي سليمان

استمرارا على نفس الدرب ( تنظيم ندوات فكرية وتربوية) احتضنت الخزانة البلدية بمدينة سيدي سليمان يومه الثامن عشر من شهر يونيو (من السنة الجارية)، ندوة فكرية موسومة ب “الدين والديمقراطية”، من تنظيم الجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة –فرع سيدي سليمان- واشرف على تأطيرها الأستاذين جمال فزّة الأستاذ الباحث في علم الاجتماع بجامعة محمد الخامس بالرباط، والأستاذ عبد اللطيف الخمسي المفتش التربوي في مادة الفلسفة والباحث أيضا في الفلسفة والتربية، وقد تميز اللقاء الفكري بسجال غني أسهم في إثراء الأمسية وتأثيث فضائها الفكري بامتياز، من خلال مداخلات واستفسارات وتساؤلات الحضور التي تمركزت جلها موضوع مداخلات المؤطرين.
وقد أكد الأستاذ عبد اللطيف الخمسي على كون العلاقة بين الدين والديمقراطية مسألة لها راهنتيها لإهتمامها بإشكال السياسة في الخطاب الديني، ولبحثها عن إمكانات ومصوغات لإدماج الدين وسط النسق السياسي الديمقراطي المعاصر من جهة، وبحثها أيضا في قدرة الممارسة الديمقراطية على استيعاب الفاعل الدينيّ، ذلك إن هكذا غاية تتطلب توفر خطاب ديني قادر على بناء فهم سديد للديمقراطية وفق منظور تاريخي مواكب للتحولات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، كما يتطلب الأمر أيضا من المنظومة العلمانية والديمقراطية أن تكون منفتحة غير رافضة للخطاب الديني، وهنا استحضر الأستاذ المؤطر نماذج حداثية كانت لها القدرة على لعب هذا الدور من قبيل إيمانويل كانط واسبينوزا، وكذا نماذج ما بعد حداثية حاولت إقامة ترابط منفتح ما بين الدين والديمقراطية ك “هابرماس” ومارسيل كوشي، ليخلص في الأخير إلى ضرورة بناء دولة مدنية لا دينية، ومجتمع المواطنة والاعتراف والتعددية الدينية واعتبار الديمقراطية ليست آلية اقتراع، بل مسالة قيمية واكسيولوجية، قادرة على تبني مشروع تنويري ديني من شأنه جعل النظر ة الى الدين مواكبة للرهانات الحديثة.
ومن جهته اعتبر الأستاذ جمال فزة علاقة الدين بالديمقراطية ذات طابع إشكالي، يتجاوز السمة الجوهرانية للدين والديمقراطية على حد سواء ، في نظرة، تنظر إلى عدم توافق الدين والديمقراطية من حيث علاقتهما بالرهانات السياسية والاجتماعية لكل من قوى التغيير والقوى المحافظة، لأن المجتمع وما يعتمل داخله من صراعات وتوازنات هو ما يفسر الدين وليس العكس.
وعلى الرغم من قدم إشكال العلاقة بين الدين والديمقراطية، إلا انه اقترن اليوم برهانات جديدة مع العولمة ومع أحداث الربيع العربي، حسب جمال فزة، ذلك أن ما يشهده العالم العربي من تغيرات سياسية، دفعت الغرب إلى التخلي نسبيا عن مقولة أن الدين الإسلامي لا يتوافق في جوهره مع الديمقراطية وإشكالاتها، تلك النظرة التي تعبر عنها كتابات مارسيل كوشي وأوليفي روا، وإريك جوفري الذي اعتقد بإمكانية العولمة تحرير الدين الإسلامي ودفعه إلى الانسلاخ من الشكل الاجتماعي التاريخي لإسلام الجزيرة العربية في أفق اعتناق دين الفطرة والدين في براءته الأصلية، وإعادة قراءة الإسلام انطلاقا من مبدأ يسهم في تقريب الإسلام من مبادئ الديمقراطية ومبدأ يقوم على أساس:- تحرير الأفراد من الخوف، -وإبداع آليات لمراقبة السلطة، -وحرية التعبير.
أثارت المداخلتين السابقتين في نفوس الأساتذة والطلبة والتلاميذ الحاضرين كمّا هائلا من التساؤلات عبروا عنها على صيغة مداخلات مقتضبة، ليختم اللقاء الفكري بتقديم شهادة شكر وتقدير للأستاذين المؤطرين حملت توقيع الجمعية المغربة لمدرسي الفلسفة_فرع سيدي سليمان_، مع الاحتفاء بالتلميذتين السليمانيتين الثلاث اللائي تأهلن إلى نهائيات الأولمبياد الجهوي للفلسفة بالموسم الحالي.