البحث عن مفاتيح مدرسة المواطنة والتربية على القيم بالمؤسسات التعليمية

نعيمة الناهي
نظمت المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بخنيفرة، ندوة إقليمية حول موضوع “مدرسة المواطنة والتربية على القيم بالمؤسسات التعليمية”، وذلك تفعيلا لتوصيات الندوة الوطنية التي احتضنتها الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة بني ملال-خنيفرة. ومكنت هذه الندوة من فتح نقاش عمومي موسع من خلال إشراك جميع القوى المتدخلة في عملية التربية من مثقفين، ومؤسسات تربوية، وجمعيات المجتمع المدني، وأطر إدارية وتربوية، وتلاميذ، وسلطات ترابية وأمنية وقضائية، وشركاء اجتماعيين، ومختلف القطاعات المعنية بتنمية السلوك المدني والتربية على القيم.ويسعى المنظمون لهذه الندوة إلى تدارس ملاءمة المناهج والوسائل الديداكتيكية من أجل كسب رهان ترسيخ قيم المواطنة والسلوك المدني داخل فضاء المؤسسة التربوية، وسبل بناء نموذج عملي لتنزيل القيم إلى الممارسة الصفية، والحياة المدرسية، والسبل الأنجع لتحفيز المؤسسات التعليمية على إدماج البعد القيمي في بناء مشروع المؤسسة، وتعبئة كل الفاعلين والشركاء والمتدخلين من أجل تنزيل تدابير وإجراءات الرؤية الاستراتيجية لإصلاح منظومة التربية والتكوين، وترسيخ التربية على قيم المواطنة والسلوك المدني في الوسط المدرسي.
وفي كلمة للمدير الإقليمي للتربية الوطنية بخنيفرة، السيد فؤاد باديس، أكد أن انعقاد هذه الندوة يأتي انسجاما مع التوجيهات الملكية السامية التي ما فتئت تؤكد على أن ترسيخ القيم وتفعيلها من الناحية الواقعية يقتضي أن ينصرف الجهد إلى تحسين شروط ممارسة المواطنة الكاملة على الصعيد العملي والعمل على النهوض بالسلوك المدني للأفراد، وهي مسؤولية مجتمعية متقاسمة تتولاها المنظومة التعليمية إلى جانب الأسرة ووسائل الإعلام وكذا المؤسسات ذات الوظائف التربوية والتأطيرية. وأشار في هذا الصدد إلى أن للمدرسة دور مركزي في النهوض بالسلوك المدني، حيث يتعين أن تشكل الحياة المدرسية مثالا حيا لسلوك المواطن المسؤول ونموذجا لاحترام النظام والقانون، وتجسيدا للممارسة الديموقراطية.
وأضاف السيد باديس أن هذه الندوة الإقليمية، بكل المعاني والأسئلة التي تطرحها، تنعقد في ظرفية يسائل فيها المجتمع المغربي ككل نفسه وليس المدرسة فقط، حول قيم التسامح والخير والجمال، وقبول الآخر، ومناهضة العنف والتطرف، وحول الحق في الحياة، ونبذ العنف والإرهاب، مضيفا أن مدرستنا اليوم مطالبة بتحصين الناشئة وتمكينها من حسن التعامل مع الوسائط الجديدة، والمؤسسات الموازية للتنشئة الاجتماعية، وضمنها الشبكات والمواقع الاجتماعية.
من جهته، نوه وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بخنيفرة، السيد عبد الرحيم الشارف، بهذه المبادرة نظرا لأهميتها البالغة في النظر والتفكير في العمل التربوي من جهة، ومد جسور اللقاء والتواصل والتعاون بين مختلف الفاعلين والمتدخلين المعنيين بالطفل والتربية والمواطنة والسلوك المدني والقيم من جهة أخرى.من جانبه، ركز رئيس المجلس العلمي المحلي بخنيفرة السيد مصطفى زمهني، على أهمية موضوع المواطنة والتربية على القيم، “باعتباره موضوعا فطريا تتشوف إليه النفوس، وتشتاق إليه الطباع، فهو الجدير بتحقيق إنسانية الإنسان في بعدها الوجودي الذي يضفي على حياته المعنى، ويخلصه من العبث الذي أضحى يؤرق الأفراد والمجتمعات”.وفي هذا السياق -يضيف السيد زمهني- يعمل المجلس العلمي المحلي لخنيفرة بمعية مختلف الفعاليات، منها المديرية الإقليمية للتربية الوطنية، على تنظيم أنشطة بمختلف المؤسسات التربوية، “لتبصير أبنائنا وبناتنا بهذه القيم وحملهم على استلهامها وتمثلها بما يقودهم نحو غد مشرق تتجلى فيه كرامتهم في أبهى حللها وألمع تجلياتها”.أما رئيس خلية التحسيس بالوسط المدرسي بمنطقة الأمن الإقليمي بخنيفرة د الشريف جيمجي، فسلط الضوء على الاستراتيجية العامة للأمن الوطني، في إطار ترسيخ قيم المواطنة بالوسط المدرسي، إلى جانب مساهمة المنطقة الإقليمية في استتباب الأمن بمحيط المؤسسات التعليمية، وذلك بتظافر مجهودات جميع المصالح التابعة لها، من مكتب الشرطة القضائية والأمن العمومي وفرق مختلطة للسهر على محاربة جميع الظواهر السلبية المحيطة بالمؤسسات التعليمية.كما أشار جيمجي إلى إحداث خلية للتحسيس بالوسط المدرسي تعمل على استهداف الناشئة في عدة مواضيع مثل التحرش الجنسي وإستغلال القاصرين، وأن هذه العملية غيرت النظرة الكلاسيكية اتجاه المؤسسة الأمنية والشرطة على الخصوص.
يشار إلى أن هذه الندوة التي تميزت بحضور ممثل عامل الإقليم، ووكيل جلالة الملك، والمنتخبين، ورؤساء المصالح الخارجية، وممثلي جمعيات أمهات وأباء وأولياء التلميذات والتلاميذ، وممثلي الهيئات المدنية، وأطر هيئة المراقبة التربوية، ومديرات ومديري المؤسسات التعليمية، وبعض تلاميذ المؤسسات التعليمية، عرفت تقديم عدة عروض تمحورت حول دور البرامج والمناهج في ترسيخ قيم المواطنة والسلوك المدني، بالإضافة إلى تنظيم ورشات غايتها تعميق النقاش والخروج بخلاصات وتوصيات عملية لترسيخ قيم المواطنة والسلوك المدني بالمؤسسات التعليمية.