الرأي

“الحمامة” تضع “الغرف” في عشها

•محمد الشمسي

بسط “حزب الحمامة” سيطرته على انتخابات الغرف المهنية، ويرى البعض أن “اكتساح الأحرار” لتلك الغرف قد يكون تمهيدا ل “الغزة الانتخابية الكبرى” في شتنبر المقبل، في حين لا يرى البعض الآخر للعمليتين الانتخابيتين قاسما مشتركا.
وهناك من أرجع الفوز الكبير ل”الأحرار” إلى كون الحزب يشرف على القطاعات المنتجة، سواء في الفلاحة والصيد البحري أو في الصناعة والتجارة أو السياحة والصناعة التقليدية، وهي قطاعات تعتبر العمود الفقري للانتخابات المهنية، في حين يرى البعض أن أخنوش يقود “دكاكة سياسية” سيدك بها كل الانتخابات و كل الاستحقاقات المقبلة، وأن الرجل تفرج كثيرا على المشهد السياسي المغربي، وأنه اهتدى” من أين تؤكل كتف السياسة”، فنزل الى الشارع، ولم يكتف بالخطابات والبلاغات، يعرض على الناس سجله الفارغ من السوابق السياسية الفاشلة، مثلما يعرض كفاءته التي جعلت منه رجل أعمال ناجح، في وقت يحتاج فيه المغرب إلى “السياسي القدوة”، أو “السياسي البارع” وليس إلى “السياسي السطاجير” الذي “يتعلم الحسانا في رؤوس اليتامى”.
وعلى الرغم من أن الغرف المهنية ليست ذات باع ولا صيت ولا دور في النهوض بالقطاعات التي تستظل بظلها، وأن كل مشاكلها توكل للوزارة الأم في الرباط أو للمديريات الإقليمية أو الجهوية ، فإن حصيلة “الأحرار” في هذا الاستحقاق يمكن اعتبارها “رنين الجرس” الذي يعلن قرب تحقيق الاجتياح”الأخنوشي الكبير”، لكن المتحمس لهذا الرأي لا يجده ثابتا وأكيدا، لأنه على مر السنين فإن أحزابا اكتسحت انتخابات الغرف المهنية لكنها وقفت في “عقبة الانتخابات التشريعية والبلدية”، ولعل هذا راجع لثلاث أسباب أولهما أن الكتلة الناخبة المغربية عصية على الفهم والتحليل فلا يمكن بناء نتائج حاسمة بناء على بعض المعطيات، وثانيهما أنه شتان بين كتلة ناخبة محدودة العدد والحاجيات، وبين كتلة ناخبة بالملايين عددا ورغبات، وثالثهما أنه لم تكن الانتخابات المهنية مؤشرا على تحقيق ذات النتائج في باقي الانتخابات، والشاهد على تمرد الوضع السياسي المغرب على المعادلات العلمية أن نتائج الانتخابات المهنية شهدت مطاردة حزبي البام ب363 مقعدا والاستقلال ب363 مقعدا، وهما خارج الحكومة،ولا يشرفان على أي قطاع من القطاعات المنتجة ذات الصلة بالانتخابات المهنية، ليتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود في المشهد السياسي المغربي انه لا يستقر على منهج و لا يقوم على صراط، ومن أن لعنصر المفاجأة دور كبير فيه.
في الختام وجب التأكيد أن العملية الانتخابية مهما كانت شفافة وذات مصداقية، فهي لا تمثل في مسلسل الإصلاح وبناء مغرب قوي إلا لبنة صغيرة، ما لم تكن مدعومة بوعي جماعي وشعبي يقوم على الإيمان بالمواطنة، والإيمان بالديمقراطية كسلوك يومي وغير موسمي، وتتخلص الأحزاب نفسها من فيروسات الديكتاتورية والزبونية والفساد الداخلي وتنفتح على النخب المنتجة وتتقارع البرامج ولا يتصارع الأتباع في الأزقة، ويتخلص المواطن من أنانيته المفرطة ويعلم أنه معني بغرق السفينة وألا يساهم في ثقبها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى