الرأي

إلى الذين ” استخرفونا ” ذات عيد

محمد الشمسي
كلنا يذكر الوباء الذي أصاب “سقيطات” أضاحي عيد الأضحى الماضي ، كلنا يذكر تلك الألوان الزرقاء والوردية والخضراء التي رسمت فوق لحومها ، كلنا يذكر عبارات الحسرة والأسف لمواطنين كادوا ” يتصطاو أو يتْشِيرو” بسبب فساد اللحم ، وما أدراكم ما قيمة اللحم في مجتمع يتعامل مع اللحم بتبجيل ووقار ، وكلنا يتذكر بلاغات وزارة الفلاحة وتوابعها من المؤسسات والإدارات والمكاتب من “الأونصا” إلى بياطرة القطاع العام ، أجمعوا يومها أن تعفن لحوم الأضاحي يعود إلى طريقة الذبح وحفظ اللحم ودرجة الحرارة ، وتم قمع كل شك وريبة تحوم حول علف غريب تربت به الأضاحي ، من فضلات الدجاج “الرومي” ، إلى ” حبوب منع الحمل” إلى “بروتينات ذات مصدر اصطناعي ” و”سيكاليم خانز” ، ولأن الناس على دين مسؤوليها فقد اضطررنا يومها إلى أن نصدق المسؤولين ، فهم الأعلم والأقدر والأكفأ ، ورمينا حرارة الطقس ، ومعها ظروف الذبح والتخزين بجريمة اخضرار اللحم وازرقاقه ، لكن ولأن “العقبة طويلة والحمار مشاي ” ، رمنا الصمت وبلعنا ألسنتنا ، فمن نحن حتى ندلي بدلائنا في ملف بيطري صحي تقني علمي لا قبل لنا بتركيباته ؟، هذا مجال المتخصصين ، لكن قفزة  وزارة الفلاحة استعدادا لعيد الاضحى المقبل أحيت فينا علامات الاستفهام التي كدنا نمسحها من دواخلنا ، فوزارة الفلاحة تقرر وضع حلقات في آذان الخرفان ، وتعقد اجتماعات مع الصيادلة والبياطرة توصيهم وصية المرتجف الخائف ، وتقول لهم :” من رأى منكم كسابا يطلب كمية غير عادية من حبوب الحمل فليخبر مصالحنا ” ، وتضيف “ومن رأيتموه يقتني هرمونات تحفز العضلات الآدمية بكمية كبيرة ، فلتتصلوا فورا بمكاتبنا ” ، ثم زادت الوزارة في حيطتها غير المعهودة ، أن أعلنت في الناس  أنها خصصت أسواقا مراقبة لعرض الخرفان ، ونبهت الناس بشراء الأكباش ذوات الحلقات .

ومن خلال ما سبق بيانه ، يمكن لنا أن نستنتج أن فساد أضاح عيد “العام الفايت” ، يعود بالأساس إلى نوعية الأعلاف التي دأب بعض الكاسبة من هواة الربح السريع والقذر إلى تقديمها للخرفان ، في استقالة إلى حد التواطؤ من وزارة الفلاحة ومكاتبها والإدارات التابعة لها ، بمعنى أن وزارة الفلاحة كانت قد كذبت علينا في العيد الماضي ، حين ألصقت تعفن لحوم الأضاحي بالحرارة والتخزين ، بمعنى أننا أمام مسؤولين يجدون الحل في الكذب على المواطنين ، ولا يجدونه في مصارحتهم ، بمعنى أن وزارة الفلاحة استخرفتنا وحولتنا الى خرفان ،  بعضنا بقرون وبعضنا “فرطاص” ، وأنها غشتنا وزيفت تقاريرها ، وأنها وظفت بياطرتها ليقولوا للناس إفكا وبهتانا ، وأنها أكثر من ذلك تصدت للأصوات التي لامست شيئا من الحقيقة ، نعم استخرفونا حين جعلونا مثل خرفان “الفيرما” التي تسمن لتساق جماعات حول المذابح ، خدعونا و”قولبونا” حين أفهمونا ضدا في قواعد الفيزياء والرياضيات أن اللحم قد يتعفن وهو في الثلاجة وفي درجة 6 تحت الصفر ، وجعلونا في ثغائنا نثغو ونثغو ، ونحن في حيرة من أمرنا ، استخرفونا حين أفهمونا أن عيونهم لا تنام عن مراقبة أعلاف أضاحينا ، والحال أن أكباشنا باتت تعلف حبوب منع الحمل ، وبروتين رياضة كمال الأجسام ، وحقن لا ندري مصدرها ، ومكعبات الخميرة ، وهاهم في هذا العيد يعودون لاستخرافنا من جديد بأن حلقاتهم التي ثبتوها في آذان الأضاحي هي المخلص ، لكن هيهات فقد أدركنا حجم الغرة التي أخذونا فيها ، وطبيعة الغفلة التي كنا عليها ، فلن نقتني كبش العيد لهذا العيد ، ونحن مقاطعون ليس لسنة نبوية شريفة ، لكن للمتاجرة في هذه السنة المؤكدة من طرف “لحرايفية” ومن يغض البصر عن جرائمهم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى