الرأي

محمد الشمسي يكتب : “حزب اتحاد المقاطعة الشعبية للأشرار “

يبدو أن كرة المقاطعة تكبر يوما بعد يوم وهي تتدحرج ، و تسير من مجرد ” فكرة راودت فئة قليلة ” إلى تسونامي يهدد إفلاس ليس فقط أصولا تجارية ، بل أصولا سياسية وحزبية ، ولعل قوة المقاطعة تكمن في كونها شبح بلا رأس و بلا ظل و “معندهاش لخيال” ، شبح يظهر عبر مواقع التواصل الاجتماعي والتطبيقات الالكترونية ، شبح ينام بين أزرار الحواسيب ، وأزرار الهواتف الذكية ، يقتات من “الروشاج ” ، ويتقوى بوجود ” الكونيكسيون” ، ثم يشيع خبره مع “الجيمات” و”الاعجابات” ، فيتسلل إلى البيوت والأذهان ، ويتحول من كائن لا مرئي ، إلى هالة عملاقة من اللاوجود .
ويطرح شبح المقاطعة سؤالا كبيرا على المختصين والباحثين في علوم النفس و الاجتماع ، والتواصل وغيرها من العلوم ذات الصلة في المجتمع المغربي ، هل تعبر المقاطعة عن نضج مجتمعي حقيقي قائم على الوحدة والتوحد في اتخاذ القرار ؟ ، وأن مقاطعة السلع المعنية ليس هدفا في حد ذاته بقدر ما هو وسيلة لتجميع القوى ، والاتفاق حول “قضايا كبرى” بتوظيف واستغلال “نعمة الانترنت ” العصية على “المراقبة والتحكم” ، أم أنها لا تعدو أن تكون “لعبة صدقت” أو مجرد ” تسلية بهواتف ذكية ” ستتلاشى وتتقادم و”تطلع في الراس” مع قادم الأيام ؟ .
لعل المتفائلين من جيش المقاطعين يرونها “اتحاد شعب ضد جبروت شركات وشجع أشخاص” ، وأنهم بهذا يصبحون رقما صعبا في “المقادير الكيميائية للعبة السياسية” ، ودليلهم في ذلك “دموع سنطرال ” التي توشك أن تسيل حليبا ، والشركة تنزل من سمائها السابعة وتخلع سرال العجرفة ، وتمد أصبع الصلح “للمستهلك الخائن” ، كما يفعل طفل شرير في أفلام الرعب ، فكيف لا يقول “شعب المداويخ ” بأن مقاطعتهم هي فتح مبين ، وأنها حزب من لا حزب له ، “حزب المقاطعة الشعبية للأشرار ” ، الأشرار من الشركات والشخصيات الجشعة ، ويضيف هذا الفريق أن توحيد كلمة الشعب لا يتطلب بالضرورة تعليما أو مستوى ثقافيا ، ويبرهنون على معادلتهم هذه بأن الوعي يتحقق ولو بوجود الأمية ، وأن الأجداد كانوا أميين ، لكنهم طردوا المستعمر ، وحاربوه وتصدوا له ، بما يملكون من وسائل حينها ، ولم ينساقوا وراء إغراءاته ، أو تخيفهم وسائل بطشه .
وأما الفريق المتوجس من المقاطعة ، فهو لا يراها سوى فزاعة ، قد تخيف أسراب طيور ” الجوش” مؤقتا ، ثم لا يلبث “الجوش” أن يبني أعشاشه فوق رأسها بعد أن يستأنس بها ويجدها صنما بلا حركة ، أو أن خلفها أياد غير بريئة ، ودليل هؤلاء ، أن الشعب ينزف بسبب الأمية والجهل والفقر والهشاشة والبطالة ، وأن نسبة كبيرة من المغاربة لا يتوفرون على هواتف ذكية لجهلهم كيفية التعامل معها أو استخدامها ، أو لغلاء أسعارها ، وأن المقاطعة انتشرت وشاعت بطريقة العنعنة ، وأنها وإن نجحت في ترويض بعض الشركات والشخصيات الهائجة والمترنحة ، فإنها لن تدوم على نفس الإيقاع .
وسواء استمرت المقاطعة في تقليم أظافر الديناصورات التجارية والسياسية ، أم جفت منابعها وهدأت جعجعتها ، فإنها ستظل “الحزب” الأكثر شراسة وقوة وفتكا بكل من سولت له نفسه اعتبار هذا الشعب “بغلا ضخما” يصلح للركوب وجر الأثقال ، أو “بقرة هولشتاين ضرعاء ” ، وستظل أشهر المقاطعة تنذر بربيع مضى خريفا وبصيف سيكون جحيما على “المغضوب عليهم” ، وقد ترقى إلى مقاطعة “انتخابات 2021 ” ولن يكون من فائز سنتها غير ” حزب المقاطعة الشعبية للأشرار ” أو حزب الاتحاد المغربي للمقاطعة الشعبية ” أو ” حزب المقاطعون الجدد ” .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى