سياسة

العدل والإحسان: طهرانية مدنسة ومسوغات أكثر تدنيسا

في كل مرة يتورط فيها عضو في جماعة العدل والإحسان في جريمة أخلاقية أو في جريمة تتعلق بالحق العام، يخرج الجناح الحقوقي للجماعة ببيان حقيقة معياري، متطابق في الظروف والملابسات، ومتجانس في المفردات والتبريرات، مع اختلاف فقط في التاريخ ومكان ارتكاب الجريمة. فقد ألفت الجماعة عند كل فضيحة جنسية أو أخلاقية يكون بطلها أحد قيادييها أو مريديها أن تبرر ذلك بما تسميه ” الاستهداف المخزني الممنهج”، مع تقديمها لمسوغات جاهزة من قبيل أن التهم ملفقة، وأن الأفعال الإجرامية المرتكبة إنما هي سيناريو مفبرك لتدنيس طهرانية الجماعة التي تعتمد في ديماغوجيتها على “الأخلاق ومحاربة الفساد والاستبداد”.

كما اعتاد مكتب الناطق الرسمي باسم الجماعة الالتفاف حول الحقيقة من خلال تقديم ادعاءات ومزاعم باتت مألوفة للجميع، يدعي فيها أن اعتقال المشتبه بهم المحسوبين على الجماعة يكون دائما خارج إطار القانون، ومطبوعا بالتعسف، وموسوما بالشطط، ومقرونا بالاختطاف والاحتجاز، في محاولة لارتداء عباءة المظلومية التي ظلت الجماعة تعيش في كنفها لسنين طويلة، وكذا لتصوير أن السلطة تستهدف أعضاءها بسبب مواقفهم العقائدية الملتحفة بوشاح الدين.

لكن ما تجهله الجماعة، متعمدة، هو أن جميع القضايا الزجرية التي يتورط فيها قياديوها ومريدوها تكون دائما مقرونا بطرف آخر من خارج الجماعة، قد يكون أحيانا ضحية كما هو حال قضية النصب والاحتيال التي تورط فيها نقيب سابق في الجماعة، وقد يكون في أحيان أخرى شريكا أو مساهما في تنفيذ الفعل المادي للجماعة، كما هو الحال بالنسبة لقضية مصطفى الريق، المسؤول القطري عن الجناح النقابي في الجماعة، والذي ضبط متلبسا بالخيانة الزوجية مع سيدة مطلقة، هي في الحقيقة صديقة زوجته!.

فالطرف الآخر في هذه الجرائم، يكون دائما دليل إثبات في الأفعال الإجرامية المنسوبة للمتورطين من أعضاء الجماعة، إذ من غير المستساغ لا عقلا ولا منطقا أن يتم إقحام سيدة تعمل أستاذة لتوريط مصطفى الريق في جريمة أخلاقية! وحتى لو سلمنا جدلا بمظلومية هذا الأخير، فكيف يمكن تبرير سائله المنوي الموجود بمسكن هذه الأخيرة الذي يبعد عن بيت عائلته بأكثر من 100 كلمتر؟ وكيف يمكن تبرير وجود رسائل نصية متبادلة بين قيادي الجماعة وخليلته التي يتحدثان فيها عن العشق الممنوع؟ وكيف يمكن تفسير وجودهما معا في منزل هذه الأخيرة بمنطقة عين السبع رغم انعدام وجود محرم بينهما؟

إن القراءة النقدية لبلاغ ولاية أمن الدار البيضاء تسمح باستخلاص مجموعة من المؤشرات الدالة. فلأول مرة تتخلى مصالح الأمن عن أسلوب التجريد في بلاغاتها، واستعملت في المقابل خطابا صريحا يسمي الأمور بمسمياتها الحقيقية. فولاية أمن الدار البيضاء كشفت عن مكان ارتكاب الجريمة، وتاريخها، وأسماء المتورطين فيها، والأدلة الجينية المرفوعة من مسرح الجريمة، والقرائن المادية التي كشفت عنها الخبرة المعلوماتية لهواتف الموقوفين، والضمانات التي استفاد منها المشتبه فيهما بما فيها حق التخابر مع المحامي، وإعلام الزوجة بفعل الخيانة الزوجية لضمان ممارستها لحقها في تقديم الشكاية من عدمها…الخ.

واعتقد أن هذا التحول في التواصل الإعلامي لمصالح الأمن له ما يبرره، على اعتبار أنه جاء كرد فعل مشروع اتجاه الحملة التضليلية التي أطلقتها الجماعة والتي حاولت من خلالها نسف المتابعة القضائية عبر إشهار ورقة حقوق الإنسان، وعبر إدعاء طهرانية أعضائها حتى لا تخلق احتقانا داخليا في صفوف الأتباع والمريدين الذين أصيبوا بخيبات أمل متتالية جراء الجرائم الجنسية التي يتورط فيها النقباء وأعضاء الدائرة السياسية.

إن قضية مصطفى الريق جاءت لتعصف بما تبقى من طهرانية الجماعة المفقودة، ولتسقط قناع الأخلاق المزعوم عن المفسدين داخل الدائرة الضيقة للجماعة، التي ألفت العيش في مرتع الرذيلة، وألفت أيضا وجود من يبحث لها عن مسوغات ومبررات واهية لتحفيزها على مزيد من العبث الأخلاقي. مثلهم في ذلك مثل من قال فيه الحق تعالى” وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم …”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى