الخلفي: مشروع قانون الصحافة والنشر إصلاح طموح سيجسد أحكام الدستور الجديد والالتزامات الدولية للمملكة

أكد وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، السيد مصطفى الخلفي،أمس الاثنين بالرباط ، أن مشروع قانون الصحافة والنشر، يشكل إصلاحا كبيرا وطموحا سيجسد أحكام الدستور الجديد والالتزامات الدولية للمملكة ويستجيب بنسبة كبيرة لانتظارات الهيئات المهنية.
وقال السيد الخلفي ، في كلمة خلال لقاء للمناقشة العامة لمشروع قانون الصحافة والنشر عقدته لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، إن هذا القانون جعل القضاء سلطة حصرية في التعامل مع قضايا الصحافة وفي حماية حريتها، خاصة ما يتعلق بتلقي تصريحات إصدار الصحف والإيقاف والحجب والحجز، كما تم إلغاء العقوبات السالبة للحرية وتعويضها بغرامات مالية، فضلا عن منع الإيقاف والاعتقال الاحتياطي في حالة الاشتباه بارتكاب الجرائم المتعلقة بالصحافة والنشر، والتنصيص على تقادم الدعوى العمومية المتعلقة بالجرائم بمضي 6 أشهر، وتمكين الصحفي من تقديم أدلة الإثبات طيلة مراحل الدعوى، وإقرار ضمانات الحق في الحصول على المعلومات بالنسبة للصحافي.
واشار إلى أن عددا من مضامين مشروع القانون التي كانت محط انتقاد هي بمثابة تنزيل لالتزامات دولية من قبيل التنصيص على عدم الإساءة للأديان، مبرزا المقاربة التشاركية التي ميزت إعداد هذا المشروع الذي أكد أنه كان ثمرة مجهود استثنائي.
وقال إن هناك 29 عقوبة عبارة عن غرامة مالية، خمسة منها فقط يفوق مبلغها 200 ألف درهم، مشيرا إلى أن الغرامات المرتفعة ترتبط أغلبها بقضايا سيادية، مع تقييد وتضييق السلطة التقديرية للقاضي، وذلك وفقا لمعايير محددة.
وأبرز السيد الخلفي أن هذا المشروع يقضي أيضا بإرساء ضمانات حرية المبادرة وتشجيع الاستثمار في قطاع الإعلام والصحافة، وبتطوير مقتضيات الشفافية في تدبير المقاولات الصحفية، وإقرار إلزامية الدعم العمومي للصحف وفق مبادئ الشفافية وتكافؤ الفرص والحياد وتعزيز التعددية وتنمية القراءة.
وفي تصريح لوكالة الغرب العربي للأنباء عقب هذا اللقاء، قال الوزير إن الاجتماع عرف مناقشة إيجابية ثمنت المكتسبات التي جاء بها هذا المشروع كإلغاء العقوبات السالبة للحرية وإقرار الحماية القضائية لسرية المصادر والاعتراف القانوني بالصحافة الرقمية، وإقرار الحماية القضائية لحرية نشر الصحف، فضلا عن التنصيص على ألا يكون حجب هذه الأخيرة أو حجزها إلا بقرار قضائي.
وأضاف أن أبرز مستجدات هذا المشروع تتمثل أيضا في إقرار معايير للتعويض عن الضرر الناتج عن القدف أو السب أو ما شابههما، وفي اعتماد مقتضيات لتعزيز استقلالية المقاولة الصحافية وإرساء ضمانات المحاكمة العادلة في حالة المتابعة إثر مخالفات جاءت عن طريق الصحافة والنشر، مشيرا إلى أن المشروع سيستوعب الملاحظات التي ستثار أثناء المناقشة العامة والتفصيلية.
من جانبه، قال نائب رئيس لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، السيد عبد الله وكاك، في تصريح مماثل ، إن مشروع قانون الصحافة والنشر يجد أساسه ومنطلقه في دستور سنة 2011 وكذا في الالتزامات المترتبة عن الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب.
واعتبر أن مناقشة هذا القانون تشكل لحظة متميزة على اعتبار أن المؤسسة التشريعية سبق وأن صادقت على قانونين هامين، هما قانون الصحفي المهني والمجلس الوطني للصحافة، سيتم تجميعهما إلى جانب قانون الصحافة والنشر حينما ستتم المصادقة عليه، في مدونة الصحافة، هو ما سيغني الترسانة القانونية بالمغرب وسيوفر مرجعا هاما للطلبة ولكل المهنيين والمهتمين.
وأضاف أن مشروع قانون الصحافة والنشر جاء كنتاج لعمل جبار تم التأسيس له منذ عقود من قبل الحكومات السابقة وأضفت عليه الحكومة الحالية لمسة متميزة، مبرزا الحاجة إلى قضاء إعلامي متخصص في هذه القضايا، على غرار القضاء الإداري والتجاري.
من جانبهم، وقف ممثلو الفرق المتدخلة، خلال المناقشة العامة، على عدد من المكاسب التي جاء بها مشروع قانون الصحافة والنشر، وكذا على ملاحظات بشأن عد من النقاط التي تستوجب التعديل والتطوير خلال المناقشة التفصيلية.
وأبرزوا، في هذا الصدد، أن مواد المشروع عرفت تطورا مهما، لا سيما على مستوى حذف العقوبات السالبة للحرية، مؤكدين على ضرورة العمل على ضمان هذا المكتسب وحمايته من خلال عدم متابعة الصحفيين بالقانون الجنائي، من خلال ضمانات جديدة من شأنها تعزيز شروط إعلام قوي يواكب متطلبات العصر.
وأكدوا أن مشروع قانون الصحافة والنشر، الذي اعتبروا أنه يشكل مكسبا مهما سيحسن تصنيف المغرب في التصنيفات والتقارير الدولية في المجال، هو “نتاج تراكم تاريخي” إيجابي تعزز بالشروط الجديدة التي توافرت وبرغبة الحكومة في المضي قدما في هذا المسار.
كما شددوا، بالمقابل، على “التباس العلاقة بين قانون الصحافة والقانون الجنائي”، معتبرين أن بعض الفصول تحمل الكثير من الغموض وتبعث على التخوف من “تهريبها” إلى القانون الجنائي خلال المتابعة القضائية للصحافي.
وأضافوا أن هذا المشروع يحمل تعاريف “غير دقيقة” و”غير علمية” لعدد من المفاهيم مثل القدف والجرائم والخبر والمعلومة، مشيرين إلى أن لغة المشروع “بعيدة عن لغة القانون، الذي يتطلب الدقة والوضوح والبساطة”، كما أن بعض الفصول عرفت “مجرد تعديل” ولم تستند إلى “فلسفة إصلاح”.
كما شدد المتدخلون على أن مشروع القانون الحالي ينبغي أن يراعي مقاربة النوع على مستوى الصياغة والمضامين، لا سيما من خلال مقتضيات تخص المرأة الصحفية وتعتمد “التمييز الإيجابي” لصالحها.