مجتمع

هكذا نعى مصطفى عزيز الحاج الحسن جاخوخ

نم مرتاحا أعاهدك على الوفاء للمبادئ التي تقاسمناها حتى الالتحاق بك

سيدي و رفيق دربي عمي الحسن،

سامحني لأن قلمي أيضا عجز عن تصديق الفاجعة الأليمة التي أصابتنا و نحن نستعد لاستقبالك في المغرب لقضاء شهر رمضان المعظم بعد أن سمح لك الأطباء بذلك يوم الخميس… يومين فقط قبل أن تفيض روحك و ترحل إلى دار البقاء…

ليلة الاثنين و أنا أستعد للسفر إلى افريقيا في مهمة اتفقنا عليها سويا أثناء زيارتي لك قبل أسبوع و كنت بخير تبرمج نشاطاتك و توجه مساعديك من سريرك ناصحا و محذرا واعيا بثقل المسؤوليات الملقاة على عاتقك، لأنك ما تركت تلك المسؤوليات الجسيمة و لو لحظة حتى في عز مرضك و تحذير الأطباء لك… كنت شهما شامخا و مقاوما شرسا ترفض الهزيمة و الإذلال.

تلك الليلة المشؤومة أفقدتني وعيي و صوابي بعد وصول (اخبار تردي وضعك الصحي و عجز الأطباء على مسايرة التطورات المتسارعة التي اختطفت تلك الروح الطاهرة… رغما عنا… و رغما أن كبار أطبائك الذين بكوك بحرارة لأنهم أيضا ما صدقوا أن ذلك الرجل الطيب ، العصامي الخلوق سيرحل عنهم بتلك السرعة، و و تركتهم يتامى أيضا لأنهم نسقوا معك أيضا زيارة تفقدية للمغرب خلال الأسابيع المقبلة سيكونون ضيوف عليه…

رفيق دربي… و أعز أعزاءي عمي الحسن، صدقني يا سيدي أنني لم أستوعب و أنا أخطط هذه الكلمات أنك رحلت… لا زلت يا سيدي داخلي أخاطبك صباح مساء، و أستمتع بنبرات صوتك الذي لا يحتمل التقليد مثل شخصك، و نبلك و عطائك و عاطفتك الجياشة… كنت دائما راقيا كبيرا في كل شيء… عملك، دينك، وطنيتك و مصداقيتك…

الشخصيات و القادة الذين عزوني فيك صدموا، و ما صدقو مثلي أنك رحلت… و كدت أن أقول لهم بأنك أخذت فقط فترة استراحة ما تعودت عليها أبدا قبل أن تعود إلينا مرة أخرى، لأن الله عز وجل رفع روحك الطاهرة إلى جانب الشهداء و الأولياء و الصالحين

فأنت السابق يا سيدي و نحن اللاحقون…

رفيق دربي و أعز الناس، و أوفاهم خلقا و أخلاقا منذ رحيلك المفاجئ… و أنا أناجيك و أحلل معاني و أهداف وصاياك لي التي رعيت مسارها منذ سنوات عشنا سراءها و ضراءها سويا… كافحنا في أدغال افريقيا و عواصمها لتعبيد مسالك شاقة و مضنية كان سلاحنا الإيمان، و الصبر، و نكران الذات.. وكنت الرائد العصامي الذي حمل في قلبه و وجدانه المغرب و قائده و قضاياه المقدسة و صرف بسخاء عليها حتى “لا يشمت فينا” المتربصون بنا كما يحلو لك أن تردد…

افتقدناك منذ الدقيقة الأولى لهذا المصاب الجلل، و بكاك الكبير و الصغير الغني و الفقير لأنك كنت قدوة حسنة، و سيد شهداء الواجب… أعتز بك سيدي و ستبقى ذكراك حية في أعماقي و رؤيتك الثاقبة منيرة لطريقي حتى أنزل وصاياك على أرض الواقع بكل أمانة وصدق و إيمان و روية و الله شهيد على ما جمعنا حوله في هذه الدنيا الفانية… و ما سيجمعنا عليه في تلك الدار الباقية …

ثق سيدي أن الوفاء سسيبقى لك نبراسي حتى ألتحق بك

عمي الحسن،

كن مطمئنا في آخرتك بأننا سنكون أهلا لتلك المسؤوليات الثقيلة التي حملتنا إياها رغم رفضنا لتحمل بغض جوانبها خوفا من تأويلات أهل النوايا السيئة الذين طالبتني و ألححت في طلباتك على على أن أتجاهلهم أمام العالمين…

دعاوتنا الصادقة لك يا سيد شهداء الواجب بالمغفرة و الرضوان، و عهدنا معك متواصل لتحقيق ما طالبتنا بإنجازه سرا و جهرا… و لن أسمح لأي كان أن يشوه طهارة و نبل ذكراك و مسيرتك العصامية التي أذهلت العالم، وجعلت من هذا المغربي ابن الشعب، العصامي، و الوطني الغيور، و التقى النزيه الورع مثالا يحتذى به، و رمزا من رموز النجاح و الوفاء و التضحية في سبيل الله و الوطن و قائده… و كم كنت تفتخر بوسام جلالة الملك لك و تعتبره تتويجا لا بعده تتويج

أنت مفخرة لنا… و ستبقى مفخرة لأبناء و بنات هذا الوطن الذين أنقذت الألوف منهم من براثن التشرد و البطالة و الفاقة و سهرت بنفسك على المآت من مرضاهم و قدمت لهم الدواء و الغداء و الطمأنينة و الاستقرار…

لن ينسوك في صلواتهم و دعواتهم، سيتذكرونك يا سيدي ليل نهار، و يحتفظون لك بروح الوفاء ،و سيحملونك في قلوبهم إلى الأبد فأنت لا زلت حيا في قلوبنا و قلوبهم…

ندعو لك يا سيدي بالرحمة و المغفرة، وأن يسكنك الباري جل جلاله في جنة الخلد جوار الأولياء و الصالحين و الشهداء …

… ونم مطمئنا مرتاحا فرسالة الوفاء لك ستبقى خالدة إلى الأبد حتى نلتحق بك هناك في تلك الدار…

… و إن لله و إن إليه راجعون

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى