أود في البداية أن أبوح لكم بسر ، هو أني لا أعترف بشيء إسمه السينما المغربية ، ليس لان هذه السينما هي مجرد بالوعة تبلع أموال الشعب بلا طائل ، وليس لأن عددا من المخرجين المغاربة “يخرجون ” أعينهم في المشاهد المغربي ويفرضون عليه أن يرى شخابيط كاميراتهم وبؤس سيناريوهاتهم ، المهم أنه إذا كانت هذه المسماة بالسينما المغربية هي سينما فعلا ، فيشرفني ان يكون اسمي هو الاول في قائمة الجاهلين بهذه السينما ، حتى لا اطيل عليكم ، اود فقط أن ادلي بدوري في النقاش الدائر حول فيلم السيد عيوش غير النبيل ، يستحيل أن تدلي بدولك حول فيلم أنت لم تره ، لكن يستحيل أن أرى فيلما مغربيا ، يختزل المغرب في العلب الليلية ، والحانات والليالي الحمراء ، ويقدم المرأة المغربية المسكينة التواقة الى “طرف الخبز” مع قبس من “النجومية ” عارية الفخدين ، وحافية القدمين ، وتهز ذات اليمين واليسار ، قبالة الرجل الذي يستأجر ذلك الجسد ، بلغة ساقطة نابية إباحية ، ومشاهد لا يرضى كل ذي فطرة سليمة على أن تسقط اعين ابنائه عليها ، تلك هي السينما المغربية ، تدور كاميراتها فقط ليلا في الكاباريهات ، وتتحول الاستوديوهات الى محل لبيع الملابس الداخلية للنساء ، ويمضي البطل والبطلة كل عمر الفيلم وهما فوق غرفة النوم يقلبان ويقبلان بعضهما البعض ، ومن يتأفف أو يحتج ولو في دواخله تنهال عليه آلة فلول المجون بالاوصاف والتصنيف ، ويتم قرع طبول حرية التعبير وحرية الفن ، وتشحد الاقلام التي يقتات اهلها من تلك المستنقعات ، ويصبح الرافض للميوعة ظلاميا عدوا للحرية ، ويتحول “الشمكار” والمكبوت والمراهق والمسترزق بنهود بنات المغرب ضحية ، وقد يجود عليه بنو جلدته من هواة البورنوغرافية بوقفة احتجاجية مساندة له ، ويتهمون رئيس الحكومة بمنع الفيلم ، ويربطون ذلك بالانتخابات المقبلة وبما يقع في مصر وليبيا وسوريا ، وينعقون كالغربان يخيرون الناس بين افلام غرف النوم او الارتماء في احضان داعش .
عرفت السيد عيوش اول مرة في فيلم علي زاوا ، كنت محظوظا لاني كنت من الاوائل الذين شاهدوا هذا الفيلم السينمائي ، ليس حبا او شغفا بالسينما ، ولكن مهنتي الصحفية قضت بان تنتدبني الجريدة التي كنت اشتغل صحافيا فيها سنة 2000 الى مدينة خريبكة حيث مهرجان السينما الافريقية ، وهناك كانت مشاهدتي لفيلم علي زاوا جزءا من عملي وليس “خيرا مني ” ، في ذلك الفيلم كان السيد عيوش لا يزال نبيلا ، ربما كان علي زاوا مجرد بروفا من الشاب المغربفرنسي ، ليدخل ماخور سينما القوادة ، وليليتحق بركب مخرجين تلقوا اصول الاخراخ خارج الوطن وعادوا لاجل “الخروج” على قيم الوطن .
لم ار السينما المغربية تقترب من حقبة سنوات الرصاص ، ومن معتقلات التعذيب ، ومن عصر الحسن الثاني وذراعه ادريس البصري ،ومن قضية الصحراء المغربية ، ومن العلاقات المغربية الجزائرية ، لم يخرج هؤلاء المخرجون كما سينمائيا يليق بهذه الحقب ، فهذه المواضيع قد تدخلهم السجن وهم يريدون جماهيرا تدخل قاعاتهم السينمائية ليتفرجوا على كائنات اختارت ان “تقتات بأجسادها ” .