الرأي

متى تصبح السياسة اخلاق ؟:

لقد أصبح الفكر السائد لدى السياسي هو الأنا السياسية في معظم الاحوال وعندما تسيطر الأنانية على العمل السياسي والقرارات، نصبح أمام كارثة تجعل التنمية والإصلاح والتقدم وتنفيذ البرامج التي سطرناها مستحيلاً، لأن الأنانية عقلية متحجرة يسيطر عليها الغرور، لا تقبل الرأي المخالف ولا النصح بل لا تقبل مقترحات أو مبادرات من الاخرين ترى الامور بعيونها وليس بعيون الآخرين، فلا تستمع لهم، تستبد برأيها ، ولا تخضع للتغيير وتصحيح للرأي الآخر والنصيحة؛
الأنانية تشل نمو الأداء السياسي، أو أي إبداع في المقترحات أو حتى أسلوب أو آلية لتطوير الاداء أو إصلاح أي اعوجاج في من اسندت لهم مهام تدبيرية ادارية او انتدابية
وهي ظاهرة خطيرة تقتل روح العمل الإصلاحي والجماعي وبثه في الأجيال القادمة وبالتالي يستولي اليأس في نفوسهم من امكانية التغيير في بلدنا وقتل الامل في امكانية تطورها وتقدمها ، فيعيقون نهضة أمة ومصير ومستقبل وطن تميز بدسترة قوانين تعتبر دعامة اساسية للتقدم والتنمية ومحاربة الفساد
لذلك يعتبر السياسي الأناني وهو السياسي المستبد مخالف للقيم والمباديء التي ترتكز عليها القيادة السياسية الراشدة للنهوض بأوضاع المجتمع و حل المشاكل التي يتخبط فيها من ارتفاع نسبة الفقر والبطالة و مشكل النقل العمومي وانتشار الامية والهدر المدرسي وتزايد أطفال الشوارع وظاهرة التسول ومشكل الدور الآيلة للسقوط و الحالة المزرية التي تعيشها مؤسسات الرعاية الاجتماعية والعناية بذوي الإعاقة الى غير ذلك من العديد والعديد من المشاريع التي تحتاج الى تكثيف الجهود ووضع اليد في اليد للتخفيف من حدتها على الاقل ان لم نتمكن من القضاء عليها
والأنا السياسية اكبر معيق لاداء الاحزاب لادوارها المطلوبة من تأطير الأعضاء وعموم المواطنين حتى ينتشر الوعي السياسي وإدراك الاخطار المحيطة بالبلاد وبالتالي يسهل فهم الوضع السياسي و القرارات السياسية الكبرى والادوار المطلوبة من الجميع
وهذه المباديء التي يمكن أن نجدها مثلاً في المدرسة البنائية التي تؤمن بالقيم والأخلاق ونبذ الخلاف والسعي لتحقيق التنمية المستدامة والاقلاع الحضاري كمحرك للسياسة بصفة عامة
والأنا السياسية بعيدة عن منطق المصلحة العامة وعن العمل والتخطيط والانكباب على تنزيل البرامج لتحقيقها حيث أن المحرك ليس الإيمان بالعمل من اجل المصلحة العامة واصلاح ما فسد وبناء الثقة والتنمية المجتمعية ، وإنما العمل من أجل تحقيق المصلحة الذاتية فقط وإن كانت على حساب المبادئ والقيم وهذا ما نشهده اليوم في عالمنا السياسي وللأسف الشديد.
الأنانية السياسية تعني غياب الأخلاق عن السياسة تجعل البعض يتصيد الأحداث لمصلحته الخاصة وتصفية الحسابات وإضعاف من قد ينافسه على منصب ما ،
لقد أدت الأنانية السياسية الى اتباع التوجه القائل إن المكسب لغيري يعتبر خسارة لي، والخسارة لغيري تعتبر مكسباً لي؛ وهذه فلسفة معطلة للجهود و للعمل و مفسدة ومربكة له وتأكل الأخضر واليابس فيطغى الصراع والحقد والكراهية والمكائد ووضع العراقيل للعاملين بجد الغيورين على مصلحة البلد حتى لا يخطفوا عنهم الاضواء .
و بدل العمل والعطاء والتغيير يطغى إثبات الذات على التعاون من أجل ايجاد حلول لمشاكل قد غرقت فيها البلاد ولو تكاثفت الجهود لكان الإصلاح والتغيير قويا ولتحققت التنمية والتقدم المنشود ولأخرجت المشاريع للوجود وعولجت قضايا ومشاكل بقيت عالقة ليومنا هذا .
وخلاصة القول لو تجاوزنا الأنانية واللاأخلاقية السياسية في علاقتنا ببعضنا البعض وعدنا لقيمنا ومبادئنا الأصيلة وتوحيد وتكثيف الجهود لتمكنا من أن نخلق أرضية قوية نتجاوز من خلالها عمق الخلافات والتأخر في الإنجازات ولأصلحنا الكثير والكثير من الاختلالات
وكما قال مالك بن نبي رحمه الله: “إذا كان العلم دون ضمير خراب الروح فان السياسة بلا أخلاق خراب الأمة” فيا ترى متى تصبح السياسة أخلاق بعيدة عن الأنانية والانتصار للذات ؟؟؟؟؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى