دراسة: قيم شباب البيضاء مبنية على الفردانية و البحث عن الحرية

كشفت دراسة حديثة أجراها الباحث السوسيولوجي عزيز مشواط معطيات صادمة عن واقع قيم شباب الدار البيضاء، الدراسة تدخل في سياق أطروحة دكتوراه أشرف عليها السوسيولوجي جمال خليل بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء .
في مدينة من قبيل الدار البيضاء المغربية، حيث الواجهة الحديثة لمغرب المشاريع الكبرى، يبدو للملاحظ العياني المجرد من الأدوات البحثية، أن سلوك الشباب وطريقة لباسه وتسريحات الشعر، تؤسس فعلا لفضاء حديث كمدينة متربولية مبنية على القيم الفردانية والمجهولية والبحث عن الحرية والاستقلالية.
يبدو هذا التصور عاميا وساذجا.
ففي البحث الذي أجراه مشواط حول عينة تتكون من 1233من الشباب البيضاوي المتمدرس، والقاطن بمختلف أحياء المدينة، حديثها وقديمها، فقيرها وغنيها، والمنتمي إلى فئة عمرية 15 ـ 24 سنة، نكتشف أن أكثر من 80٪ من العينة يعتبرون أن الدين هو أهم شئ في الحياة، وتليه من حيث الأهمية وبفارق كبير الأسرة ورضى الوالدين بـ56٪، ثم العمل والمال والأصدقاء والترفيه بنسب ليست ذات أهمية.
وبالمقابل فبقدر ما يشكل الدين البؤرة المركزية لنسق قيم المبحوثين حيث تعتبره الأغلبية الشئ الأكثر أهمية في الحياة، بقدر ما يعتبر أكثر من 76% من أعضاء العينة أن المصلحة الشخصية والفردية تعلو على مصلحة جماعة الانتماء.
تبدو النتيجتان متضاربتان إذا أخذنا بعين الاعتبار النظريات الكلاسيكية التي تربط مسلسل الفردنة بالحداثة في إحدى أهم تمظهراته وهي الانفصال عن المعطى الديني. وهنا يقول مشواط “تبدو هذه النظرية غير قادرة على مقاربة نسق قيمي شديد التعقيد. لذلك فإن الحضور المكثف للدين في نسق قيم المبحوثين لم يمنع من تعبيرهم عن مستوى عال من الفردانية وسيادة قيم استهلاكية مرتبطة بالتحولات الاقتصادية تركز على الترفيه والاستمتاع الشخصي. كما لم يمنعهم هذا الحضور من التوجه نحو علاقات اجتماعية أكثر عقلانية ومصلحية ومنفعية. وما يعزز هذا التوجه ضعف انخراط الشباب في الفعل التضامني والترابط الاجتماعي والأسري”.