“ليالي رمضان الثقافية” في دورتها الأولى

نظمت الجمعية الثقافية والاجتماعية تين-هينان أيام ثقافية رمضانية، تحت شعار “ليالي رمضان الثقافية” في دورتها الأولى، ولقد كانت البداية بمائدة مستديرة ليلة يومه الأحد 21 يونيو2015 بقاعة الإجتماعات ببلدية قلعة مكونة، متلحفة بموضوع “أزمة العمل الجمعوي بالمنطقة”، وذلك من تنشيط وتأطير أساتذة باحثين في الثقافة الأمازيغية، كل من السادة : محمد رحماوي، ويوسف ألمير، وموحى ألحاج، وابراهيم عيناني.
وافتتحت هذه الليلة الثقافية بمقاطع غنائية على آلة القيثارة بأنامل الفنان “أمناي”، لتبدأ فعالية النقاش بكلمة أحمد الجباري لذي رحب بالحضور ، وأكد إلى أن لجوء الجمعية لهذا الفضاء قد جاء بعد أن أغلقت أمامها أبواب المقاهي، وأرجع ذلك إلى عدم تفهم أرباب المقاهي للفكرة، وانعدام روح المسؤولية، بعد ذلك انتقل إلى عرض المحاور التي سيتم التطرق إليها في مجمل الليالي الرمضانية.
بعد ذالك، قدم الكلمة للأستاذ محمد رحماوي في مداخلته التي عنونها بـ”العمل الجمعوي بين الترافع والبناء التنموي”؛ حيث افتتحها بالظرفية التاريخية التي ظهر فيها العمل الجمعوي بالمغرب، و أشار الى أسس العمل الجمعوي و أليات عمل الجمعيات منهل العمل التطوعي و عدم العمل الربحي أو الريعي و حتى السياسي، لكن نجد الدولة تشجع ذلك من خلال تقديم الدعم للجمعيات وتمويل مشاريعها وغض الطرف عن الجمعيات التي تعمل لمصالح التيارات السياسيةليكون ذلك سياسة منها للتهرب من مسؤولياتها التنموية، وقد أشار في ذات السياق أن الجمعيات ليست مهمتها بناء القناطر والتنمية الاقتصادية، بل تنحصر رسالتها في توعية المواطن وتأطيره من أجل الدفاع عن مصالحه.
وفي مداخلة أخرى خصص موحى أولحاج كلمته، لـ”كرونولوجيا تطور العمل الجمعوي”، أشار المتحدث إلى أن العمل الجمعوي له جذور في الثقافة الإنسانية عامة، والمغربية خاصة، وذلك من خلال ما يسمى قديما ب “تاويزا” (التضامن) و “حد الصايم” في تراثنا الأمازيغي … إلى غير ذلك من الأعمال التي تدخل في هذا الإطار بشكل أو بآخر. وقد تحدث المتدخل كذلك عن أن ظهور العمل الجمعوي مرتبط بالاستعمار؛ إذ يضطلع بدور تأطير المواطنين لمقاومة المستعمر الفرنسي/الإسباني إبان فترة الحماية، وبعد الاستقلال الشكلي للمغرب أحس المواطن المغربي أن سياسة الحكومات المتعاقبة لم تتغير عن نظيرتها السابقة(المستعمر)، فلم يجد بدا من أن يحتمي بإطار نضالي يمكن به أن يغير الواقع الذي لم يستطع الاستقلال أن يمحي أثاره.
وفي مداخلة الأستاذ يوسف لمير، وبعد شكر الجمعية المنظمة لهذا النشاط، والثناء عليها بالمجهودات الجبارة التي تقوم بها في المنطقة من ناحية العمل الجمعوي، انتقل إلى تقديم تعريف للعمل الجمعوي والمجتمع المدني، باعتباره عمل تطوعي حر، وكذا تعريفه لمفهوم التنمية البشرية، التي تتساءل عن كيفية الرفع من المستوى المعيشي للإنسان ومدى ملاءمته لكرامته وكينونته، وبالحديث عن هذا المفهوم الفارغ من محتواه على حد تعبير لمير، أشار هذا الأخير أن “المبادرة الوطنية للتنمية البشرية” تستهدف الجيوب وتغفل عن العقول، والتي تعتبر الثروة الحقيقة التي يملكها الإنسان، والملكة التي يحتكم إليها في جميع العصور، لذا وجب التساؤل عن ماذا حققته هذه المبادرة طيلة هذه السنوات العشر ؟ مردفا إلى أن التنمية البشرية الحقيقية لا تهدف إلى بناء مشاريع ومقاولات، بل تهدف إلى بناء وعي الإنسان، وعي يمكنه أن يقوض أصنام الجهل الاقتصادي والثقافي.
وفيما يخص المداخلة الأخيرة، والتي كانت بلسان الأستاذ ابراهيم عيناني، منتقدا العمل الجمعوي في أسامر (الجنوب الشرقي)، واصفا جمعياته بالخائنة للنضال الأمازيغي الحر، متسائلا عن مدى التزامها لقضاياها، وإن وجدت فهي نادرة، أما الجمعيات الأخرى فيمكن إدراجها ضمن ما يسمى بـ”اقتصاد الريع”، أو الجمعيات الموسمية التي تعمل بشكل خفي أو ظاهر لصالح الأحزاب السياسية أو الدولة، كما أورد المتحدث أن هناك من الجمعيات من تهتم بقضايا بعيدة كل البعد عن اهتماماتها، في حين تغفل عن قضاياها المشروعة، وأردف عيناني قائلا أن مفهوم المثقف لا يمكن أن يتطابق مع مفهوم المناضل، فكل مفهوم له تعريفه الخاص، لكن يمكن جمعهما فيما يسمى بـ” المثقف العضوي”؛ مثقف يناضل من أجل قضية معينة، من ههنا إذن خلص المتحدث إلى أن دور الجمعية يمكن تحديده في التوعية والتأطير، إضافة إلى الإلتزام الثقافي.