الرأي

10 سنوات تنتظر كاشف “عورة الفتاة” ولا هوادة مع هذه المخلوقات..

لن يستغرب المتتبع يوم يسمع المحكمة تدين ذلك اليافع بعشر سنوات “ديال الحبس”، هو الذي هاجم بعنف وفظاظة سيدة في الشارع العام وكشف عن عورتها برعونة وطيش وقلة “ترابي” ثم ضربها في مؤخرتها، كاشفا المجال لمشاركه في الجريمة”الغبي” الذي كان على أهبة في ان يصور المشهد بكاميرا هاتفه “الذكي” ليتم نشر الشريط على مزبلة مواقع التواصل التي باتت تعج بهذه المخلوقات…
طبعا العقوبة أعلاه ليست اجتهادا شخصيا ولا أمنية أو حلما، بل هذا ما ينص عليه الفصل 485 من القانون الجنائي الذي يقول ” يعاقب بالسجن من 5 الى 10 سنوات من هتك او حاول هتك عرض اي شخص ذكرا كان أو أنثى مع استعمال العنف”انتهت الفقرة الاولى من الفصل، أما إذا كانت الضحية يقل عمرها عن 18سنة او تعاني إعاقة فإن الفاعل “مشا فيها ديال بصح” فعقوبته تصل الى 20 سنة حسب الفقرة الثانية من نفس الفصل.
لتبقى باقي التهم من التقاط وتسجيل وبث وتوزيع المشهد دون رضى ولا إذن صاحبته مجرد”ثقالة” ستزيد المتهم غرقا فوق غرق لان الفصول من 447—1 الى 447– 3 تجعل اقصى العقوبة مابين 3 سنوات و خمس سنوات…
ولرفع كل لبس لغوي وقانوني عن معنى هتك عرض فهو كل فعل مناف للاخلاق والاداب يوقعه الفاعل عمدا على مكان أو على عضو أو أعضاء من جسم الضحية ويعتبر ذلك العضو او تلك الاعضاء عورة ولا يجب على الغير ملامستها او الكشف عنها.
لكن مثل هذه السلوكات الغريبة لا يمكن أن تتحول إلى مجرد ملف يفتح في المحكمة ويطوى في السجن، فإذا أضفنا إليها سلوك ذلك الشاب الذي أوقف الترامواي وهو على كرسي ومائدة يشرب القهوة، وسلوكات أخرى “غير أخلاقية” تتهافت عليها بعض”ربات البيوت” في ما يسمونهن ب”روتينهن اليومي” الذي تعرضن فيه “اللي جاب الله” من أجسادهن للاقتيات من طاعون ” عدد المشاهدات”، سيتضح ان هناك عطش وتعطش يسكن القلوب المريضة والشاذة والجاهلة للبحث عن بدعة”البوز” وبالتبعية جني أموال على حساب الآداب وتأثير هذه الافعال النزقة في أذهان القاصرين مادامت تعرض للعلن على المواقع إياها، دون صرامة في تفعيل القانون الذي وضع الاسلحة المناسبة لردع هذا الصنف من التمرد على الأخلاق العامة، بغية هدم المجتمع، فلا بد أولا من الإسراع في انجاز دراسات علمية ميدانية تقوم بها تلك الجامعات التي لا تفرخ غير افواج العاطلين، وتسيج مقراتها بحيطان سميكة شبيهة بمقرات ال”كا جي بي”، ولابد ان تقوم بها كذلك تلك المعاهد التي يوصف بعضها ب” الاستراتيجي” و التي “يتبندر مدراؤها ورؤساؤها ” امام الكاميرات “يحللون” و”يحرمون”، ليتضح أنها مجرد عناوين أسموها هم ومن معهم وما أنزل الله بما من “استراتيجية” في شيء.
ماذا يقع لشبابنا؟ أي وباء أصاب فكرهم؟ هل هذا هو منتهى ذكائهم؟ هل بمثل هؤلاء يمكن للانتخابات والتنمية والديمقراطية والوطن ان ينجحوا؟ ومن يفرمل ويراقب ويضبط سيول الانترنت وتأثيرها في مخيلات من يفترض أنهم رجال ونساء الغد بل ومربو الأجيال كذلك؟ وهل القادم فعلا أسوأ؟ وأين الاسرة والمدرسة والدولة بكل قطاعاتها ووزاراتها؟ وأين الاحزاب والمساجد والعلماء والمفكرون؟ وأين النموذج التنموي؟ وأين من يجيب؟ وأين من يسمع؟ وأين من يخشى على الأجيال؟ وأين حتى أين نفسها من وسط كل هذا الهراء؟…
في انتظار فتح قوس لسجال مجتمعي رصين وحكيم بدراسات ميدانية موضوعية لنقرأ خلاصاتها جميعا، سنقتصر على إنزال أشد العقوبة بالجناة مقترفي مثل هذه السلوكات، ليس انتقاما ولا غلا ولكن لأننا أمام قوم لا يندم إلا وهو مصفد اليدين وأمه تبكيه بمدخل الكوميسارية وقبالة باب المحكمة والسجن، قبل ان تستأنس هذه الفصيلة بالحبس ويصبح مجرد” روتين يومي” لها، فلا هوادة مع هذه المخلوقات، ولا مبرر لها ولو اختفت خلف تناولها للمخدرات، فالعذر أقبح من الزلة، لأن اقتراف الفعل الجرمي تحت تأثير المخدرات عامل مشدد للعقوبة وليس عاملا مخففا لها حسب القانون دائما، فليراجع كلٌّ شيطانه الذي يوسوس له قبل فوات الأوان، فقد سبق وأن لسعتنا أفاعي 16ماي 2003 …فهل اتعظنا؟…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى