من حق شباط أن يعقد “جمع” نقابته التأسيسي، ومن حق أتباعه ومناصريه ومريديه أن يهللوا بالتكبير عندما تدخل الأمن لمنع نشاطهم النقابي، ومن حق الناطق الرسمي بلسان حال الحزب والنقابة أن يكشف للرأي العام عن منطوق حكم صادر عن نائب رئيس المحكمة الابتدائية بالرباط بصفته قاضيا للمستعجلات، للرد على بلاغ الأمن الوطني.
هي جملة حقوق مكفولة للأخ شباط، مناضل القرب، ومجسّم السياسة الشعب(وية)، لكن هذا لا ينبغي أن يحجب عن المتتبع والرأي العام جملة ملاحظات لابد من توضيحها في هذه النازلة التي يتداخل فيها القانون بالسياسة بالعمل النقابي.
أولا: شباط القانوني كان يعي جيدا أن هناك حكم استعجالي بمدينة سلا يحكم لفائدة خصومه النقابيين، وكان يدرك جيدا أن نطاق الانطباق هو القاعة المغطاة فتح الله البوعزاوي بمدينة سلا، لذلك كان هناك “اختيار” بصيغة المناورة لإقامة النشاط النقابي بمدينة الرباط! ألا يمكن اعتبار هذا “الاختيار” التفافا حول تنفيذ حكم قضائي؟ هل اعتبار السياسة هي فن الممكن وغير الممكن تتيح إعمال مثل هذه المناورات حول مشروعية حكم قضائي؟
ثانيا: إن موضوع تسخير القوة العمومية لتنفيذ حكم قضائي الذي يتظلم منه شباط القانوني الْيَوْمَ، هو أسلوب متعارف عليه في جميع التشريعات المقارنة، وتطالب به جميع القيادات الحزبية والسياسية عندما ترأس مجالس جماعية أو بلدية لتنفيذ أحكام تحصيل الضرائب الجماعية واحتلال الملك العمومي…( جماعة فاس مثلا التي كان يرأسها شباط لسنوات)، وبالتالي لماذا نرفض تنفيذ والامتثال لما كنّا نطالب به بالأمس…أو بين الأمس واليوم تختلف مراكزنا القانونية فنتنصل من تطبيق القانون!
ثالثا: تسخير القوة العمومية هو التزام ومقتضى قانوني، وبالتالي كان حريا بشباط، من موقعه كسياسي وبرلماني، أن يطالب السلطة التشريعية في اعادة النظر في هذا المقتضى من منظور سلطة التشريع لا بسلطة الشارع والقوة!
رابعا: لماذا ليس هناك فاصل بين النقابي والسياسي؟ ولماذا هناك إصرار على الجمع بين الدعوي والحزبي؟ وبين الناطق بلسان حال الحزب والسياسة؟ ومرد هذا الحديث أن هناك دائما انسياب سلس من النقابة الى السياسة والعكس صحيح! مع العلم أن هناك فارق واضح في القانون المنظم للأحزاب والنقابات وهناك مساحة ضوئية بين القانون التأسيسي للحزب وذاك المتعلقة بالنقابة! ولكن ما دمت في المغرب فلا تستغرب.
خامسا: وهذا هو الأهم، هناك حكم قضائي استعجالي صادر عن رئيس المحكمة الابتدائية بسلا في إطار الفصل 149 من قانون المسطرة المدنية، يقضي بمنع النشاط النقابي تحفظيا ومؤقتا إلى حين البت في جوهر وموضوع الدعوى أمام القضاء. فكان من الأفضل أن يحترم شباط هذا الحكم بضعة أيام، أو أن يطعن فيه، ويجنب السلطات العمومية التدخل في نشاط نقابي، ويجنب المغرب مسا بصورته امام العالم…وقتها كان سيستحق شباط عن جدارة وصف ” شباط القانوني”.