رسالة إلى الدكتور الفايد : “هات برهانك على قرفتك وقرنفلك”

•محمد الشمسي
لا أعرف الدكتور الفايد بشكل شخصي، ولكني حين كثر عليه اللغط بحثت في سيرته فوجدته رجل علم ومعرفة وبحث، وصاحب ديبلومات وشهادات ودكتوراه، يبدو المرء أمام تحصيله منبهرا صغيرا ، فكان إجلالي له مفروضا بقوة العلم والمعرفة، ثم استمعت لعدد من فيديوهاته التي يستهويه فيها مزج الدين بالطب وهذا خياره، ولو أني أختلف بالمطلق مع من يجر الدين ويدخله إلى المختبر لتشريحه وإلباسه ثوب نظرية أو إعجاز، بحثا للدين عن منهج الإقناع، أو بحثا لنظرياتهم عن سند ديني، لأني أخشى أن تنهار النظرية أو الإعجاز فيوضع الدين في مأزق.
وقد أثارتني دعوته للناس في زمن تفشي كورنا، أن يستنشقوا بخار القرفة والقرنفل، فهو بحسبه وهو الدارس الفاهم العالم يقضي على الفيروس، وبلغة الفضول سألت نفسي، كيف خلص الدكتور الفايد إلى هذه الخلاصة التي قدمها للناس واثقا راسخا؟، فلا أعتقد أن الوقت يسعفه، لأنه لم يمض على ظهور الوباء في المغرب سوى اقل من شهرين، وهي مدة غير كافية لإجراء دراسة علمية يقينية ، كما أن تخصصه لا يشفع له بإجراء دراسة من هذا القبيل، فمن أين له بداية بعينات المصابين بفيروس كورونا؟، ولأننا في منبر العلم والبحث العلمي، ولسنا في مقام “كور وعطي لبني جهل”، شككت في أن يكون هذا الكلام الخطير قد صدر على رجل يؤمن بعقيدة المعرفة التي تمنع التقول على العلم إلا ببرهان بيِّن واضح، لكن للأسف الشديد تيقنت أنه فعلا حرض الناس على بخار القرفة والقرنفل، وبلا حجة ولا آية.
فإذا كنت يا معالي الدكتور قد ثبت لديك ثبوتا شرعيا وعلميا أن”القرنفل والقرفة” هما ترياق كورونا، فاكشف لنا على دليلك؟، وإلا هل تتحمل يا دكتور نتائج ما سيلحق بمريض حامل فيروس كورونا اطمئن لوصيتك وعمل بها، ورفض اللجوء إلى الطبيب وظل يشم قرفتك وقرنفلك والوباء ينخر جسده حتى زهقت روحه؟، إن القانون يعتبر هذه الوصية غير العلمية تهديدا للحق في الحياة، وتعريضها للخطر، ومشاركة في إلحاق الأذى بالغير، بل ومشاركة في القتل إن مات المصاب، وقد وضع لها عقابا هو “الحبس ولخطية والتعويض لورثته”، دون الحديث على أن تقديم وصفات من غير الطبيب هو انتحال لصفة الطبيب وهي أيضا جريمة، وعلى حد علمي فالدكتور الفايد ليس طبيبا، وعليه لا يحق له تقديم فتاوى طبية، حتى ولو كانت صحيحة.
وفي الأخير أجدد تقديري لمكانتك العلمية، وسيزداد احترامي لك إن أنت كشفت عن الدراسة التي أجريتها والتي جعلتك ترفع سعر القرنفل والقرفة، وترفع رقم معاملات “العطارة” منها، في حين وضعت حياة المصابين بكورونا على كف عفريت، وجعلت غير المصابين في وهم كبير، وصحيح أنه جَلّ من لا يخطئ، ولو أن غلطة الشاطر بالألف، لكن يعتصرني الأسى حين أجد عالما كبيرا يجعل العلم بجلالة قدره يلامس الخرافة، ويؤلمني أكثر أن يهب البعض للدفاع عن العالم المخطئ ليس انتصارا للحقيقة بل استحضارا لعصبية قبلية فيدوسون على العلم بحوافر خيولهم…