وطنية

التحركات الحكومية “قانونيا” في زمن كورونا : محطات ومطبات

•محمد الشمسي

لم تخل تحركات الحكومة خلال تدبيرها لجائحة كورونا قانونيا من بعض العثرات ، وسمت سلوكها بالتناقض، وهذه بعض المحطات حيث كانت المطبات:
بين 19 و 20 مارس بلاغ وزارة الداخلية :
صدر بلاغ بتاريخ 19 مارس عن وزارة الداخلية تقرر معه إعلان “حالة الطوارئ الصحية” وتقييد الحركة في البلاد ابتداء من الجمعة 20 مارس على الساعة 6 مساء لأجل غير مسمى لإبقاء الفيروس تحت السيطرة ، وأضاف البلاغ أن حالة الطوارئ الصحية لا تعني وقف عجلة الاقتصاد ولكن اتخاذ تدابير استثنائية تستوجب الحد من حركة المواطنين من خلال اشتراط مغادرة مقرات السكن باستصدار وثيقة رسمية لدى رجال وأعوان السلطة وفق حالات معينة.
وألزم بلاغ وزارة الداخلية المواطنين التقيد بالقرار تحت طائلة توقيع العقوبات المنصوص عليها في القانون الجنائي .

ملاحظات :
ـ لم تشرك وزارة الداخلية وزارة الصحة في بلاغها باعتبار وزارة الصحة هي ذات الصفة والاختصاص في التعامل مع الأوبئة، كما لم تشرك معها وزارة الاقتصاد باعتبار القرار لا يوقف عجلة الاقتصاد.
ـ لم تشر وزارة الداخلية لأي سند قانوني أو دستوري يمنحها الحق في إصدار بلاغها، وفرض ما سمتها “الطوارئ الصحية”.
ـ ترك بلاغ وزارة الداخلية مدة الطوارئ الصحية الى أجل غير مسمى .
ـ اشترطت وزارة الداخلية على المواطنين لمغادرة البيت الحصول على وثيقة رسمية يسلمها لهم رجال وأعوان السلطة، لكن اجتماع المجلس الحكومي في مرسومه لم يشر الى الوثيقة الرسمية التي استحدثتها وزارة الداخلية واكتفى بعبارة ” الخروج للضرورة القصوى”، وباتت وثيقة وزارة الداخلية خارج السياق.

22 مارس المجلس الحكومي يصادق على مرسومين 2.20.292و 2.20.293

صادق مجلس الحكومة على مشروع مرسوم رقم 2.20.293 الذي يتعلق بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا وحدده من 20 مارس الى 20 أبريل 2020 ، كما صادق على مشروع مرسوم 2.20.292 حدد فيه العقوبات لمخالفي وخارقي حالة الطوارئ الصحية ( من شهر إلى ثلاثة أشهر وغرامة من 300 الى 1300 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين) ، وقد أسس المجلس الحكومي اجتماعه ومشروع مرسومه على مقتضيات الفصل 81 من الدستور.
ومنحت الحكومة للسلطات العمومية بموجب المشروع الحق في اتخاذ كافة التدابير ( دون تحديد لسقف هذه التدابير)، كلما كانت حياة الأشخاص وسلامتهم مهددة من جراء انتشار أمراض معدية أو وبائية كما منحت الحكومة لتلك السلطات العمومية اتخاذ التدابير اللازمة التي تقتضيها هذه الحالة بموجب مراسيم ومقررات تنظيمية وإدارية أو بواسطة مناشير وبلاغات من اجل التدخل الفوري والعاجل للحيلولة دون تفاقم الحالة الوبائية.

ملاحظات:
لم يشر المجلس الحكومي لبلاغ وزارة الداخلية الصادر بتاريخ 19 مارس والذي دخل حيز التطبيق في 20 مارس، وكأنه لم يصدر، وكأنه لم يتم اتخاذ أي قرار طوارئ صحية من قبل.
لم يشر المجلس الحكومي إلى الوثيقة الرسمية التي جعلها بلاغ الداخلية ضرورية لمغادرة البيت، في حين اكتفى المرسوم بعبارة” الضرورة القصوى” كمبرر لمغادرة المواطنين لبيوتهم، وأصبح من المجحف بعد المصادقة على المرسوم اعتبار وثيقة الداخلية ترخيصا بالخروج، واعتبار من لا يحملها مخالفا، لأن المرسوم لا يتحدث عنها ولا يشترط الحصول عليها.
بالنسبة لمشروع مرسوم بقانون 2.20.292 فقد صدر في نسختين، الأولى هي التي أشرنا إليها أعلاه وتناولها الإعلام الرسمي ، والثانية التي صدرت في الجريدة الرسمية توسعت في صور عرقلة تنفيذ قرارات السلطات العمومية عن طريق العنف والتهديد او التدليس أو الإكراه وكذا التحريض بكل أشكال التحريض ، وهي فقرة لم يشر إليها المشروع بصيغته الأولى، كما تضمنت النسخة الثانية من المرسوم المادة 6 منه التي أوقفت سريان مفعول جميع الآجال المنصوص عليها قانونا في فترة الطوارئ الصحية ويستأنف احتسابها ابتداء من اليوم الموالي ليوم رفع حالة الطوارئ.
لم تتطرق أو تشر النسخة الثانية من المرسوم الصادرة في الجريدة الرسمية إلى تحديد مدة الطوارئ الصحية وتركته مفتوحا، كما جاء في بلاغ وزارة الداخلية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى