أجواء من الإنقسام الفكري الكبير تسود أوساط الصحفيين المغاربة بعد هجمات باريس، ومقتل جل صحفيي الجريدة الفرنسية الساخرة “تشارلي إيبدو” على يد خلية إرهابية يتزعمها الأخوين كواشي، الفرنسيين من أصل جزائري.
ومرجع الإختلاف والإنقسام هو الشعار الذي رفعه المتظاهرون الفرنسيون عقب الهجوم على الجريدة، في مختلف الساحات العامة والشوارع بطريقة تلقائية تعبيرا عن التضامن مع ضحايا الفاجعة، والشعار المثير للجدل هو “أنا شارلي”.
شعار أعاد رفعه عدد من الإعلاميين والصحفيين المغاربة في مواقع التواصل الإجتماعي والمواقع الإخبارية الإلكترونية، الذين يتقاسمون واجب التضامن مع زملاء مهنة المتاعب، مهما اختلف الخط التحريري، والتوجه الإديولوجي لأصحاب الجريدة المستهدفة خلال هذه العملية الإرهابية،
لكن آخرين رفضوا مضمون هذا الشعار جملة وتفصيلا، و عبروا عن ذلك بشعار مغاير “أنا لست تشارلي” و”أنا مسلم أنا فلسطيني ….”، للدلالة على إمتعاضهم من الصور التي نشرتها تشارلي إيبدو فيما سبق.
اختلاف وصل الى حد توجيه رسائل عبر الشبكات العنكبوتية، لشرح موقف كل طرف من هذه الأزمة التي تمر منها الجمهورية الفرنسية، وحدود حرية التعبير حسب المقاييس الغربية، بالموازاة مع احترام المقدسات الدينية لكل مكونات الشعوب، ومنها بطبيعة الحال الدين الإسلامي الحنيف.
فأصحاب الشعار الأول يرون أن مبدأ التضامن واجب، لحجم الجريمة المرتكبة ضد طاقم صحفي كامل، لم يراعى فيها الرأي والرأي الآخر، بل تم تغليب صوت الرصاص والقتل، على صوت الحكمة والإقناع والكلمة الحسنة، أما اصحاب الشعارات الأخرى فهم أيضاً ضد الجريمة لكن في نفس الوقت يعارضون ما أقدمت عليه الجريدة الفرنسية من تشويه للإسلام ورسوم مسيئة للرسول عليه الصلاة والسلام.
إختلاف وإن كان إيجابيا لإيضاح كل الآراء في مختلف القضايا والأحداث، لكنه أيضاً يظهر حجم الإنقسام الفكري والفلسفي داخل الجسم الإعلامي، وإن كانت قضية تشارلي ايبدو تحتاج لموقف موحد كون ما حدث يمس حياة حاملي قلم الرصاص، وأصحاب الكلمة والصورة.