“شكل الحيوان” معرض فني بابعاد فلسفية بالدار البيضاء

احتضن رواق “فينيس كادر” بالدار البيضاء، مساء امس الخميس، معرضا جماعيا تشكيليا حول موضوع “شكل الحيوان”. ويهدف هذا المعرض إلى اكتشاف العلاقة بين لانهائية الشكل الحيواني وتمثيل الرسم، سواء كان صورة أو تجريدا أو حلما سورياليا أو واقعيا أو هندسيا أو كان على شكل مخطوطة، أو بمعنى آخر سبر العلاقة الفريدة والبدائية التي تجمع بين الحقيقي والخارق.
وأوضحت زليخة بوعبد الله، أمينة المعرض، أن التمثيل التشكيلي للحيوان ميز أول تعبير للانتقال من “أومو فابر” وهو تعبير لاتيني يعني الإنسان الخالق إلى “أومو سابين” الذي يعني الإنسان العاقل، مشيرة إلى أن الحيوان أصبح بالنسبة للشخص الذي يرسمه وسيلة ليجسد ميزاته الشكلية والأخلاقية والمثل التي يؤمن بها.
وأبرزت بوعبد الله أن الثقافة العربية أولت بدورها أهمية كبرى للشكل الحيواني من خلال كتاب “كليلة ودمنة” الذي تضمن حكايات عن حيوانات خيالية لم تتعارض البتة مع الواقع.
وأشارت إلى أنه في الوقت الذي يسعى فيه بعض الفنانين التشكيليين المشاركين في هذا المعرض إلى إبراز البعد المجازي للشكل الحيواني، يسائل آخرون الجزء الحيواني للإنسان ومواجهته لوسطه الاجتماعي، في حين يغوص فنانون آخرون أدبيا في قلب تخييل وحشي خالص دون حدود.
وخلصت إلى أن “هذه الرؤى المتعددة أدت إلى ولادة تعبيرات مختلفة حيث الشكل الحيواني يواجه الثقافة والسياسة والأساطير والروحانيات، ليصبح بذلك رسم الشكل الحيواني موضوعا قادرا على تجسيد الرؤية للعالم”. وتطرقت الورقة التقديمية للمعرض إلى تمثل الإنسان للحيوان، مشيرة إلى أن الحيوان يعارض الإنسان على الرغم من أنه الأقرب إليه ف”كلاهما كائنات ذاتية” حسب جيل دولوز. واعتبرت أن هذه المعارضة والازدواجية والتشابه فتنت دائما الإنسان.
وأبرزت الورقة أن علاقة الإنسان بالحيوان سواء كانت علاقة واقعية أو متخلية شكلت أول تجربة في العالم استطاعت من خلال قلقها اللانهائي توليد أشكال غير محدودة ، مضيفة أن الحيوان يشكل قاعدة أصلية للصورة البشرية وجد فيها الإنسان الأشكال الأكثر أصلية. فانطلاقا من الحيوان ، حسب الورقة التقديمية، تم تشكيل أساطير وتجسيد الآلهة على شكل حيوانات “ضخمة وصغيرة وكبيرة ومخططة ومرقطة وملونة وذات لون موحد ووحشية وشجاعة وشرسة وأليفة”.
ويشارك في هذا المعرض أمينة بن بوشتى وسعيد عفيفي (المغرب)، ونصر الدين بناصر (الجزائر)، ونضال شامخ (تونس)، ولوسيان مورات وفرانك ليستارد وفيليب باستوا وعبد القادر بنشمة (فرنسا) ومارتن لورد (كندا) وجويس بونساتو (الولايات المتحدة الأمريكية) وتيموتي يونسولي (كوريا الجنوبية) ونيكولا سالفاتور (إيطاليا).
وتجدر الإشارة إلى أن رواق “فينس كادر” الذي أحدث سنة 1946 ، احتضن معارض لمجموعة من الفنانين التشكيليين المستشرقين ذوي الصيت العالمي من قبيل جاك ماجوريل وخوسيه كروز هيريرا وهنري بونتي وجون غاستون مانتيل، فضلا عن مجموعة من الفنانين التشكيليين المغاربة الذين أصبحوا اليوم مرجعا حقيقيا في عالم الفن التشكيلي مثل الراحل فريد بلكاهية وأحمد الشرقاوي والجيلالي الغرباوي والشعيبية.