جائحة كورونا

تفاقم الإصابات بفيروس كورونا يضاعف الضغط النفسي لدى الأطقم الطبية

أدت جائحة كوفيد -19 إلى تفاقم المشاكل التي تعاني منها المنظومة الصحية وعلى رأسها الإرهاق المهني والإجهاد النفسي المتزايد الذي يعاني منه الأطباء والممرضات في جميع أنحاء البلاد جراء تزايد الاصابات الناجمة عن وباء كورونا والذي يهدد بانهيار المنظومة الصحية. ويواجه العاملون في المجال الطبي ضغوطًا متعددة بسبب نوبات العمل الإضافية إضافة الى الصدمات النفسية نتيجة ارتفاع الخسائر في الأرواح بين المرضى والشغيلة الطبية، وضغوط المسؤوليات العائلية والمهنية وحالة القلق والترقب المرتبطة بتطور الحالة الوبائية. وهو ما أدى إلى إرهاق مهني وإنهاك عاطفي للأطر الصحية التي تبذل جهدا مضاعفا لانقاد المصابين في ظل ضعف الإمكانات.
ويواجه الأطباء والأطقم شبه الطبية العاملين في مواجهة كورونا، أوضاعا صعبة نتيجة ضغط العمل المتواصل وتعليق منح الرخص السنوية، والخوف الدائم من الإصابة بالفيروس بسبب نقص المعدات الوقائية والإمدادات الطبية اللازمة من معقمات وكمامات وألبسة واقية داخل المستشفيات والمراكز الصحية. اذ يتعرض العديد من الأطباء والممرضين وسائقي سيارات الإسعاف يوميا لخطر الإصابة بالعدوى، نظرا لاحتكاكهم الدائم بالمصابين بفيروس كورونا. ويشير تحقيق ميداني أجري بجامعة تولوز بشراكة مع عدة جامعات ومستشفيات جامعية، الى أن معظم الأطباء والمستخدمين في ميدان الصحة، المرابطين بالخطوط الأمامية، يعانون من قلة النوم ونقص الشهية، والتوتر والخوف من إصابتهم بالعدوى أو نقلها إلى أهلهم وأقاربهم، وهو ما يزيد من حالات التوتر والقلق لديهم. كما تم رصد اضطرابات مثل الإرهاق الجسدي ونوبات الذعر واضطرابات النوم وتوتر العلاقات الاجتماعية لدى البعض منهم. كما أكدت دراسة أجريت بجامعة مدريد إلى أن 51 ٪ من العاملين بالقطاع الصحي (من أصل 1200 شخص) يعانون من أعراض الاكتئاب، في حين أن 53 ٪ من الأعراض تتطابق مع أعراض التوتر الذي يلي للصدمة. وهو ما يشابه نتائج تقييم الحالة النفسية للأطر الصحية المنجز خلال فترات الأوبئة السابقة، مثل إنفلونزا الخنازير H1N1 سنة 2009 وفيروس SARS-CoV-1سنة 2003. اذ كشفت العديد من الدراسات الاستقصائية المنجزة بالعديد من المستشفيات بأوروبا وآسيا وأمريكا الشمالية، مستويات قلق متوسطة إلى شديدة لدى الأطقم الصحية، بسبب الخوف من الإصابة بالعدوى أو من نشرها بين الأقارب، وكذا الخوف من الإهمال أو عدم القدرة على انقاذ جميع المرضى في ظل الانتشار السريع للوباء، مما يزيد خطر الإصابة بالأمراض النفسية أو بالإجهاد المهني بين العاملين بالقطاع الصحي. وهو ما يشير الى أن الدعم النفسي أصبح ضرورة لا محيد عنها داخل المستشفيات من أجل تخفيف إجهاد العاملين بالقطاع الصحي وحمايتهم من خطر الانهيار بعد الصدمة في الأشهر المقبلة. اذ يتوقع اغلب الباحثون الى أن عواقب الضغط النفسي والإنهاك العاطفي على الأطقم الطبية قد تظهر لاحقا على المستوى البعيد لدى الأشخاص الأكثر ضعفا على الصعيد النفسي.
وإن كان جنود الجيش الأبيض، العاملين بالمستشفيات أكثر الفئات عرضة للعدوى، فهذا يستوجب اتخاذ إجراءات حازمة للتقليل من المخاطر المهنية وحماية وتحفيز الطاقم الطبي والتمريضي، لضمان جاهزيته من أجل مواجهة الوباء وخدمة الإنسانية. وهو ما يتطلب تدبيرا معقلنا للموارد البشرية الصحية خلال هاته الأزمة، إضافة الى تدريب المهنيين الطبيين على حسن إدارة الكوارث والتعامل معها، وتهييئ المستشفيات لتكون أكثر استعدادا لمواجهة أزمات مماثلة في المستقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى