النظام المسعور يشتت ما تبقى من “الشمل العربي”
▪︎محمد الشمسي
يعيش النظام الجزائري حالة متقدمة من السُّعار، فهو مختلج قلق مرتاب بدون سبب، وهذه حالة مرضية تسمى في عالم الطب ب”الرهاب الاجتماعي”، ومن أعراضه الشعور بالعصبية و التوتر الحاد، واستشعار خطر وهمي وشيك، هذا النظام ذو الأصول العسكرية الانقلابية يرقص على أكثر من حبل، فتارة يغرد ضمن السرب الإيراني، ثم لا يلبث أن يعود إلى العش العربي، ثم يسترزق بالقضية الفلسطينية، وتارة يلعق من الماعون الفرنسي، ثم لا يلبث أن يكفهر ويكشر على الأنياب ويشرع في العض ذات اليمين وذات اليسار…
لعلها مفارقة عجيبة أن تعقد “القمة” العربية في الجزائر، وأن تحمل “القمة” عنوانا لها “لم الشمل العربي”، ليتبين أنها “قمة” ولدت في السفح، وأن إسناد “لم الشمل العربي” لنظام ممسوس مسموم كإسناد حراسة الغنم لذئب جائع، ماذا تعرف الجزائر عن فلسفة “لم الشمل العربي” وهي التي يجعل نظامهما من تمزيق التراب المغربي عبادة مقدمة على الشهادتين وعلى إقامة الصلاة؟
الأصل أن “القمم” العربية رخوة خائرة يعقدها العرب فقط ليذكروا العالم أنهم لم ينقرضوا بعد، وأن الجامعة العربية جهاز منخور مستضعف، تنظم لها “قمة” كل سنة بعدما أعياها العيش في الدرك الأسفل من الخزي والانحطاط أبد الدهر، لذلك إذا كانت “القمم” العربية تموت في مهدها وقبل أن ينفض أهلها، فإن “القمة” في الجزائر ولدت ميتة، ولم يقنع النظام هناك بموتها بل إنه يخنقها جثة، ومن فرط خبلهم يتلذذون بقتل الميت، ويهللون لذلك.
ولأجله لم أستغرب لحجم سخافتهم حين لم يستقبل عسكريهم وزير الخارجية المغربي كما تلزم بذلك القواعد الدبلوماسية، فلا لياقة ولا كياسة ولا لباقة، هناك حيث التعليمات والأوامر والطاعة العمياء لنظام ولد في مقصورات الدبابات، ورضع من ثدي الانقلابات، وأدمن الدسائس والمؤامرات، ثم هم تارة وأثناء “قمتهم” يوردون خريطة المغرب مبتورة ثم يعودون للاعتذار ببلاهة، ويضطرون لنشرها كاملة، مع أسف شبيه بأسف الأغبياء، ثم إنهم يعترضون سبيل طاقم صحفي مغربي في مطارهم، كما يفعل قطاع الطرق في الجاهلية الأولى، ثم…ثم…وفي الأخير لا يستحيون من أنفسهم ومن التاريخ حين يقرؤون يافطة فوق رؤوسهم تسميها “قمة لم الشمل العربي”…
على الجامعة العربية أن تقوم ولو بعمل واحد صالح عظيم في مسيرتها المفعمة بالإخفاقات، ألا وهو تعليق عضوية الجزائر منها إلى أن تتحرر الجزائر من قبضة العساكر، فقدر ذلك البلد أن يتقاذفه المحتلون منذ الإسبان والبرتغال إلى العثمانيين فالفرنسيين، وينتهي به الأمر مختطفا محتجزا في قواعد عسكرية، وفي انتظار ذلك لا بد من حقن الكابرانات بأمصال مضادة للسعار، وعقاقير مضادة للرهاب.