نجاح المؤتمر الوطني الأول للإتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة رهين بالوعي بأهمية هذه المحطة
تعتبر المؤتمرات الوطنية من المحطات التنظيمية الهامة لأي هيئة كانت سياسية، نقابية أو جمعوية و هي كذلك تقييم لأداء الأجهزة التنظيمية و رسم خريطة الطريق المستقبلية و وضع تصور لمدة من الزمن استنادا على رؤيا إستشرافية للمستقبل، و من تم فإن مثل هذه الملتقيات تعتبر ضرورية و ملزمة، و نحن في الإتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة مقبلين في نهاية شهر أكتوبر على عقد المؤتمر الوطني الأول تحت شعار: “مطالب عادلة، نضال مستمر وفعل في التنمية “، هذا اللقاء يعتبر حدثا أساسيا في تاريخ المتصرفين و أقول هذا لأن الإتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة مند التأسيس في يوليوز 2011 اتخذ طريق البناء المستمر ليس فقط من أجل المطالب بل من أجل تشييد مؤسسة مستمرة في الزمن و ليست هيئة تنتهي بتحقيق بعض المطالب.
كما أن الظرفية السياسية التي ولد فيها الإتحاد مغايرة جدا عن الوضعية التي تم فيها تحقيق مطالب بعض الأطر المماثلة، فرغم التوجه الممانع الذي تتبناه الحكومة الحالية جراء تنبي سياسة التقشف و محاولة تبني خطاب الإصلاح الشامل للإدارة فإن هيئة المتصرفين أصبحت رقما في الساحة الاجتماعية و فاعلا أساسيا في الحركية النضالية و يشهد على ذلك التراكمات النضالية التي طبعت مسيرة الإتحاد و اللقاءات التحسيسية بطرح للملف المطلبي أمام مجموعة المسؤولين الوزاريين” الوزارة المكلفة بالبرلمان و المجتمع المدني، وزارة الميزانية، وزارة الوظيفة العمومية و تحديث الإدارة، وزارة العدل، وزارة التعمير و إعداد التراب الوطني، وزارة التجهيز و النقل، وزارة التشغيل، رئاسة الحكومة في شخص وزير الدولة المرحوم باها و مدير الديوان السيد معتصم، وزارة الأسرة،…”، كما استطاع الإتحاد الوطني إلى الدخول إلى قبة البرلمان و اللقاء مع عدة فرق برلمانية” فريق العدالة و التنمية،الفريق الاستقلالي، الفريق الاشتراكي، فريق الدستوري، …” ناهيك عن اللقاءات مع المركزيات النقابية، فهذا العمل كان له على الأقل تعاطف كل هؤلاء الفرقاء و تفهمهم لقضية المتصرف لكن للأسف فإن رئاسة الحكومة مازالت تعتقل ملف المتصرفين في دواليبها، دون تفعيل المطالب المطروحة.
و الحالة هذه، و رغم الخطوات النضالية التي نفذها الإتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة خلال الثلاث سنوات الماضية، فإن ما ينتظر الإتحاد هو أكثر بكثير و لا سيما و نحن في بداية الدخول الاجتماعي و مقبلين على إعادة بناء الذات و تقويتها فإلإستمرار في النضال هو خط لا محيد عنه كما أن ما سيفرزه الفكر الجماعي حين المؤتمر سيبلور لا محالة خططا و إستراتجيات قمينة بالاستمرار على هذا الدرب ، فضلا عن خلق روافد جديدة للتفكير و الإنتاج المستمر و بالإستفاذة من الكفاءات و الأطر التي ستساهم في أشغال المؤتمر سواء من داخله أو من الخارج.
إن سنة 2016 هي سنة تشريعية بامتياز لأن عمر الحكومة الحالية اوشك على الانتهاء، و نأمل أن يستفيق المسؤولون من سباتهم و تحريك ملف المتصرفين بإدراجه في الأجندة الحكومية للمدارسة قصد إخراج نظام أساسي عادل و منصف مضبوط يفي بضمان العدالة الأجرية و المهنية و صيانة كرامة المتصرف(ة) و فتح أبواب التكوين و المسؤولية على قدم المساواة مابين الأطر.
فما نصبوا إليه من محطة المؤتمر الوطني هو الارتقاء بالمتصرف(ة) إلى المكانة اللائقة به دون الخوض في الجزئيات التي تفرمل أكثر مما تقدم، و ستكون الإدارة العمومية هي الفائزة إذا نجح هذا المؤتمر لكونها حاضرة بكل قطاعاتها من خلال الانتماءات الإدارية للمؤتمرات و المؤتمرين، علما أنها في حاجة إلى مثل هذه الأطر الفاعلة فيها من خلال المواقع التي تحتلها و من خلال الخدمات المقدمة التي تروم الرفع من التنمية في كل جوانبها.
قد يتساءل البعض عن مدى أهمية هذه المحطة، و هذا بطبيعة الحال هو المدخل الأول لتعميق النقاش حول كل القضايا التي تهم المتصرف(ة) و الإدارة العمومية و ربط مابين الواقع و الآفاق، و تشجيع النبش في ذاكرة المتصرف(ة) و في المسار الذي شقه ملفه مند القرن الماضي إلى يومنا هذا، و ما ينتظر الهيئة من إكراهات و إشكالات حقيقية استنادا إلا التشخيص الموضوعي لوضعية المتصرفين و تبني طرق المعالجة التي تستوجبها الظرفية و رفع النظر نحو المستقبل على أساس رؤيا واضحة و تصورات متجددة و مجددة للفكر و التصرفات داخل فضاء المتصرفين الذي هو في حاجة إلى مثل هذا المؤتمر الذي سيكون منعطفا إيجابيا في حياة المتصرف(ة) و الإدارات العمومية.