مجتمع
لماذا يتهافت البيضاويون على الإستهلاك إلى هذا الحد!!!

رغم مرور السنوات، وحلول الشهر الكريم لمرات ومرات، مازلت لم أستوعب بعد هذا التهافت الكبير البيضاويين على شراء كل ما صادفت أيديهم من أطعمة وخضر وفواكه سواء غلا ثمنها أو رخص، وسواء كان المواطن ميسورا أو فقيرا، المهم أن يعود الى منزله محملا بما لذ وطاب من المأكولات قبل حلول موعد الإفطار.
فالأمر يتعلق بشريعة الإستهلاك المتنامية لدى المواطنين، عن وعي أو غير وعي، حيث الإقبال على التبضع من الأسواق والمساحات التجارية الكبرى، وأسواق الجملة وجنبات الطريق، وكل مكان تتاح فيه بضاعة ما، قد يجدها الصائم مناسبة للأكل والإستهلاك عند مائدة الإفطار وعند السحور، لكن ماذا يحصل بعد آذان صلاة المغرب، ونهاية فترة صيام دامت لساعات طوال!؟.
من خلال تجارب شخصية وتجارب عدد من الأصدقاء، يتم فقط استهلاك جزء يسير من ماوضع على مائدة الإفطار، بعد أن تمتلئ البطون سريعا بالسوائل نظرا لحرارة فصل الصيف وظروف العمل المختلفة، فتتسمر الأعين أمام مأكولات عديدة اشتهيناها ولم نستطع حتى لمسها وبالكاد إرجاعها من جديد للمطبخ لليوم الموالي.
منظر أظن أنه يتكرر بشكل كبير ولدى العديد من الأسر، حيث يتحول النهم الى شبع مفرط ويزداد معدل التبذير والمصاريف الإضافية ومخلفات المأكولات، فيما تتواجد عدة أسر بالعالم القروي لم تتوفر لها نفس الظروف المعيشية ونفس الإمكانيات المادية المتوفرة للقاطنين بالمدن.
لا يمكن تفسير هذه الظاهرة الآخذة في الإزدياد بشكل مظطرد سوى تحول المجتمع البيضاوي، الى مجتمع استهلاكي على النمط الامريكي وبخصوصيات رمضانية، حيث يرتبط حجم الإستهلاك ببواعث للسعادة والرضى النفسي، ورغبة جامحة في صرف أكثر مما لدينا من الماديات، ما يحول عديد الأسر وخاصة في شهر رمضان الى أسر مفلسة بالمفهوم الإقتصادي الصرف، حيث المداخيل تفوق المصاريف بأضعاف، والشراء يتحول الى مرض معدي ينتقل بين الجميع.
فأين يكمن الدواء…، الجواب عند أخصاء السوسيولوجي المهتمين بدراسة أنماط العيش والتغيرات التي تشهدها المجتمعات من حيث الإستهلاك، والأكيد أن البيضاويون سيحتاجون لكثير من الدراسة والتدقيق، ما دامت سلوكاتهم مرتبطة بالنهم والتبذير المرضي، والتهافت على كل ما هو صالح للأكل خلال هذا الشهر الفضيل.