من جاء على أصله .. !!!

خرج “البانضي” الممثل الكوميدي ؛ وهو يصارع الحياة والمال ، بعد فترة من العلاج بفيروس كوفيد ، وقد سجل كلمة داخل إحدى المصحات الاستشفائية الخاصة بالدار البيضاء ؛ يحكي عن معاناته ويصارع الموت ويحتضر … !!! يسأل الدعاء .. – وقد تأثرت به كل الاطياف والاطراف ، وشاعت بين الشبكات العنبكوتية والفضاء الأزرق ، واستجابت بالتضرع لله والدعاء له بالشفاء – والممثل يكثر من المدح والشكر في مصحته الإستشفائية الخاصة في كل لحظة ، ويذكرها في كل مرة بالإسم والصفة ، ويمدح طاقمها وأطباءها ، بطريقة هيستيرية ، ويتحدث لنا عن الوباء الفتاك ، وعن جمالية هذه المصحة ، التي أنقذته واعتنت به ، ووفرت له كل شيء ، وبعدها جعل من غرفته الاستشفائية show room ؛ اذ علق يافطة جميلة تذكارية فيه ، يكرر فيها ما مدح به المصحة ، وأثنى به على أطبائها ، وينشر البانضي صورةٌ تؤكد استقباله شخصين لزياته ، وهو ما يُمنع منعا كليا ؛ لمن هو مصاب بهذه العدوى ، والأكيد هو أن الرجل معافى ، وقد تبين أنه خرج من المصحة ، وأن ما قام به تمثيل مطلوب للدعاية التسويقية ، والحق يقال : تلك وظيفته وتلك صناعته ، ولا لوم أو عتاب على من جاء على أصله ؛ فلا غرابة أن يسال على فعله أو علته ، طبعا لا نتشفى في أحد !!! ، والحمد لله ، وعلى سلامته ، ولاوخوف عليه ؛ الممثل حالته الصحية الآن جيدة ، فما الداعي لتصوير ذلك الفيديو بتلك الحالة !!؟ ، وكأنه من فيلم يصارع الموت ويحتضر في موقف درامي محبك بكوميدي مريض ومميز ، إنما هو تلميع صورة مصحته الإستشفائية والتسويق لها ، وإخراجها من ورطاتها ، واستمرارها في ابتزاز الضحايا ، ووقوع الحيارى في فخها ، هذه المصحة عاشت الأيام الماضية ، وسط فضيحة كبرى طاحت بسمعتها الى الحضيض ، وقد قيل أن صيتها شاع داخل قبة البرلمان ، حيث كباقي المصحات ، يتاجرون في ظل هذه الأزمة بمعاناة ومآسي المواطنين ؛ يستغلون خوفهم ، من الفيروس بالإبتزاز المالي الفائق ، ويطلبون منهم ضمانات ، وشيكات بالملايين من أجل إدخالهم للمصحة ، وإعطائهم سرير وأوكسجين ، والذي فضحهم هي قناة إلكترونية ، حيث قام مراسلها ، بالذهاب إليهم وتصويرهم خفية ، وادعاء أنه يريد إحضار والدته الى المصحة ، لأنها مصابة بالكوفيد ، فطلبوا منه في الإستقبال ضمانة بمبلغ ستين ألف درهم – شيكا او نقدا – ، وطبعا هذا كله غير قانوني ؛ كما أكده وزير الصحة ، لكن في تصريح مستفز لرئيس الجمعية الوطنية للمصحات الخاصة يؤكد ؛ أن هاته المصحات خاصة ، ولا تقدم خدمات مجانية ، ولايمكنها تحمل وتدبير بؤس وفقر المغاربة ، واذا لم يتمكن المريض من أداء ستين ألف درهم أو مائة وعشرون ألف درهم ، ولم يكن راضيا ، أو لا قدرة له على تحمل التكاليف ، فما عليه إلا التوجه إلى الرباط ، في إشارة للعبارة الدارجة الشهيرة ؛
“يطلع للرباط ويشكي” ، وأضاف
” لسنا أحزابا سياسية ، نحن مصحات تقدم خدمات صحية ، ونقدم مجهودا ، وليس من اختصاصنا حل مشاكل الفقر والبؤس في المغرب” ، ولتبرير غطرسته الكبيرة أضاف بالقول : ” في هذه الأزمة والجائحة الصحية ، نقبل جميع مرضى كوفيد ، شريطة أداء المبالغ المطلوبة ”.
ورغم إجتماع هذه المؤسسة مع وزير الصحة لتحديد التسعيرة على جميع المصحات ، ورغم أن وزراة الصحة المعنية ، قامت بإحداث لجنة مركزية ولجن جهوية ، بتتبع ومراقبة التكفل بمرضى “كوفيد 19” بالمصحات الخاصة ، مكونة من المفتشية العامة لوزارة الصحة ، والوكالة الوطنية للتأمين الصحي ، والهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء ، لم يتغير من الأمر شيء ، وبقيت حليمة على عاداتها ، و إذ نؤكد أن هذه المصحات تبقى في خانة النصب والإحتيال والإستغلال ، والتجارة في البشر ، إضافة إلى زيادة نسبة 30 ٪ في ثمن الإستشفاء ، وقد تؤدي عشرة آلاف درهم ، وقد ترتفع إلى خمسة عشر آلاف درهم ؛ لليوم والليلة الواحدة !!! بدون ستين ألف درهم كضمانة، والفاتورة مفتوحة في التصعيد ، وهناك تصريح في فيديو آخر معروض على وسائل الإعلام ، بالدليل لسيدة غرر بها ونصب عليها من أحد المصحات في مبلغ ستين ألف درهم ؛ مقابل 5 ساعات من الإستشفاء داخل مصحتها ، والأمثلة لاحصر لها ..
وللأسف الشديد المصحات الخاصة ؛ استغلت هذا الوضع المزري في المستشفيات العمومية ، وهذه الأزمة الخانقة والمخيفة ، وهذا الوضع المتوتر ، واستغلت عباد الله بزرع الخوف والفتن فيهم ، لجلبهم لمصيدتهم ، ومص جيوبهم ، بل والتسبب في وفاتهم ، وتعليقها بشماعة القضاء والقدر ، وهكذا كل المصحات يميلون ويفعلون .. !!! والمفيد بلا اعتبار ، هو أخذ اموال خيالية ، ومبالغ باهضة على هذه الوفايات ، ولن تجد عندهم حتى صناديق لوضع الجثامين ، متصلين آنذاك بالجماعة الحضرية ؛ لتوفير سيارة نقل الموتى الخاصة والمجندة فقط بنقل وفيات فيروس كوفيد ، المعقمة والمطهرة ، مع جميع اللاوزام والضروريات ؛ من الصندوق للنعش والغشاء البلاستيكي للميت ، وكذا السائق المغلف بلباس خاص معقم ؛ حماية له من العدوى .
أما الفيديو الدرامي التسويقي التمويهي ، كانت له رسالة واضحة ، كفقرة أو لوحة إشهارية ؛ لكي تخرج هذه المصحة من فضيحتها ، وبمتاجرتها أرواح الشعب ، وتحفظ ماء وجهها ، ويبقى السؤال له ؛ كيف استفاد من مرض كورونا !!؟ وهل أعفي من أداء مصاريف المصحة الإستشفائية!!؟ أم عوضت له بتقديم الكاميرا الخفية !!؟ أم خرج معافى ؛ ومعه مصاريف النقاهة والنزاهة !!؟ ثم هل هناك قانون يعاقب من استغل الوباء من أجل الربح المادي …!!!? طبعا لايوجد ولا يطبق .