عبد الواحد سهيل يدعوا الغيورين على الدار البيضاء إلى إنقاذ العاصمة الاقتصادية وتمكينها

دعا عبد الواحد سهيل عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية إلى انخراط الغيورين على الدار البيضاء في عملية إنقاذ العاصمة الاقتصادية وتمكينها من مشروعتنمويخاص بها ويندرج في إطار سياسة متكاملة لإعداد التراب الوطني وتعبئة كل الشركاء المحليين وحثهم على الانخراط بدون تردد في بلورة المشروع المندمج للتنمية الحضرية لتصبح بالفعل قطبا اقتصاديا وماليا رائدا، ومركز إشعاع ثقافي ونموذجا للتكافل الاجتماعي، وإطارا لائقا للحياة.
وقال عبد الواحد سهيل، لقاء مناقشة حول موضوع ” الدارالبيضاء: من أجل تنمية مستدامة ومسؤولة”، نظمه فضاء حزب التقدم والاشتراكية للأطر، يوم مساء الجمعة الماضي بالدار البيضاء،إنالإصلاحات المتوالية التي عرفتها الديمقراطية المحلية مكنت من إدخال تغييرات جذرية على اللامركزية بالمغرب، وعملت على تحسين الأنظمة المتعلقة بتمثيل السكان ومشاركتهم في تدبير الشأن المحلي، بيد أنهعلى الرغم من هذا التطور الملحوظ على مستوى القوانين والأنظمة، وعلى الرغم من المكانة الهامة التي حظي بها موضوع تقوية الديمقراطية المحلية في مسلسل الإصلاحات الدستورية والسياسية التي عرفتها بلادنا،وعلى الرغم كذلك من الاهتمام ، والطموح الملكي القوي بأن تصبحالدار البيضاءمركزا ماليا رائدا في القارة الإفريقية، وقطبا اقتصاديا جهويا ووطنيا وإطارا لائقا للحياة،فإن نظام الحكامة المحلية لم يرق إلى المستوى المطلوب، ولم تتمكن مدينةالدار البيضاءمن القيام بمهمتها الاقتصادية في جر قاطرة التنمية ببلادنا وبمهمتها السياسية في ترسيخ الديمقراطية المحلية، وبمهامها الاجتماعية والثقافية في بناء المجتمع الحداثي.
وأشار سهيل، في هذا اللقاء الذي قامت بتسييره حسناء كجي، الأستاذة الجامعية، وعضوة اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية،إلى أن العقودالماضيةمن التسيير العشوائيكانت كافية لتحولالعاصمة الاقتصاديةإلى قلعة من المتناقصات،يتداخل فيهاالمغرب الحديثالمنفتحعلى العالم، بمظاهرالبطالة والتسول وتكاثر الباعة المتجولين وتطبيع تجارة البضائع المهربة، وتدني ظروف العيش في الأحياء الشعبية منها والعتيقة، وقلة التجهيزات العمومية، وتراكم النفايات وتعفن مطارحها وندرة المساحات الخضراء، وتلوث الجو والمياه واكتظاظ الطرقات وتدهور حالتها واختناق المسالك الرئيسية باستمرار، والترامي على الملك العام.
وأوضح المتحدث على أن سنوات طوال منالأداء الجماعي في إطار نظام وحدةالمدينةومقاطعاتها لم تحقق النتائج المتوخاة منها، بسبب عجز النظام الانتخابي الحالي على إفرازأغلبيةمنسجمة متماسكة تمتلك مشروعا واضحا لتسيير وتنميةالمدينة،ومعارضة قوية قادرة على المراقبة وإنتاج البدائل الممكنة، كما أن تضخم المجلس الجماعي والجهاز الإداري،مع ضعف في التأطير العالي واكتظاظ في التأطير العادي، وتراجع روح المواطنة والالتزام السياسي وتعطيل روح الإبداع في جميع مجالاته، وترسيخ اقتصاد الريع والمنافع الفردية، ومحدودية الوسائل المالية والبشرية والتقنية وثقل المساطر الإدارية وأساليب الوصاية التقليدية… كلها عوامل أضرت بالعمل الجماعي على مستوىالمدينةومقاطعاتها.
وشدد عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية على أنالحكامة الجيدةالتي لا تقتصر على السلطة والاختصاصات الممنوحة لمجلسالمدينة، بل أيضا ما يمكن أن توفره من قدرات عالية على مستوى الإدارة المحلية، وكفاءات لدى مختلف الفاعلين السياسيين مما يطرح بحدة المسؤولية المشتركة للدولة والأحزاب السياسية والمواطنين، تبدأبكفاءات تملك القدرة على التسيير، وتمتلك المعرفة الجيدة والتحلي بالأخلاق النبيلة،كمدخل أساس لإيجاد حلول للمشاكل القائمة.
مشاكل تم استعراضها في بداية الندوة،في مداخلة قيمة للأستاذة أمينة العلوي، صحفية وعضوة اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية،كشفت فيها أن العاصمة الاقتصادية تعج بمشاكل لا حصر لها، بدءا بالخدمات الجماعية ومشاريع التنمية المحلية المتوقفة أو شبه جامدة، مرورا بالمشاكلالمعروفة والتي تزداداستفحالاوتأزما، كما هو الشأن في ميدان المواصلات والنقل الحضري، ووضعية السير والطرقات، واحتلال الملكالعمومي والفضاءات العمومية، والنظافةوتلوث البيئة…
وأوضحت أمينة العلوي التي ثمنت الندوات التي ينظمها فضاء الأطر نظرا لقيمتها وجودة المتدخلين فيها، أنالتوسع العمراني المتسارع للدار البيضاء تلازمهالعشوائية على حساب شروط جودة الحياة في المناطق السكنية، وفي غياب الالتزام بالتخطيط المضبوط وتصاميم التهيئة، مما فتح المجال واسعا أمام التلاعبات الخطيرة، في قطاع التعمير والترخيص بالبناء أو غض الطرف عن المخالفات وغير ذلك من التجاوزات التيشوهت معالم المدينة.
هذه التجاوزات تعتبر، بحسب رشيد الأندلسي، مهندس معماري ومناضل جمعوي، رئيس جمعية كازامسموار،عنوانا لما يمكن تسميته ب”لا شيء من الحكامة ولا شيء من التدبير الديمقراطي“، أضربالتراث الثقافي والتاريخي للدار البيضاءالذي يتميزبغناهوتنوعه الكبير.
وقدم رشيد الأندلسي عرضا مسهبا حولمختلفالأنماط الهندسية التي تصنع شهرة العاصمة الاقتصاديةلدى الخبراء الوطنيين والدوليين، والتي مكنتها، فينونبر سنة 2013،من تسجيلها من طرفمركز التراث العالمي لليونسكو ضمن القائمة المؤقتة للتراث العالمي. تسجيل، يقول المتحدث، “يتوج مجهودات الترويج للتراث المعماري والحضري البيضاوي، ويقر بالدار البيضاء كتراث ثقافي ذي قيمة كونية خاصة، قابل لأن يسجل ضمن قائمة التراث العالمي“.
وبين الفينة والأخرى، كان الأندلسي، يتوقف عند واقع تجاهلالبيضاويينلمظاهر معمارية جماليةلازالتتزخر بها المدينة،متحدثابمرارة عن كثيرمن المعالم العمرانية الجميلةالتيلم تعد حاضرة إلا في ذاكرة أجيال السبعينيات والثمانينيات بعد اختفائها مع تطور العمران كقاعتي سينما“فوكس“و“النصر“، اللتين تم إزالتهما في الثمانينيات من القرن الماضي، والمسرح البلدي،والمسبح البلدي،وفندق أنفا، فضلا عنفضاءات وبنايات أخرى حصدتها الجرافات أو استحالت إلى ركام أو أطلال بسبب عدم الصيانة أو الاستصلاح.
وشدد المتحدث على ضرورةإعادة اكتشاف هذا الإرث المعماري للمدينة، مشيدا بالمدافعين عن هذا الإرث وبدورجمعية“ذاكرة البيضاء“، التي تقوم بتنظيم زيارات إرشادية لبعضالأماكن التي قلما يلج إليها السكان، مع دق ناقوس الخطر حول استمرارسلبمآثرالمدينة وذاكرتها وتاريخها الـمعماري.
عملية السلب هاته، تطرقت لها خديجة الصبار، أستاذة باحثة ومنتخبة سابقة،ومناضلة سياسيةوجمعوية،
من منظور فلسفي، معتمدة مقارنات تاريخية لمدينة يمكن القول أن حداثتها النسبيةتصدق على بعض مكوناتها الأساسية.
|
ففيتصورالأستاذة خديجة جميع الاشكاليات تنقصها الخلفية الفلسفية، وهو ما يصدق على العاصمة الاقتصادية للمغرب التي تشعبت وأصبحت مدينة ريفية، كثرت المفاهيم المتداولة حين الحديث عنها دون أن نعي كنهها، بل ولا يستطيع الإعلام نفسه بذل جهد لجعل المتلقي في الصورة الحقيقية لفوضى عارمة في أغلب المجالات والقطاعات. |
وشددت خديجة الصبار على أنالعاصمة الاقتصاديةتحتاج اليوم” ثورة شاملة”توقفالنهاية التراجيدية لمدينة “هدمت معالمها التاريخية بدون مبرر، ولم تكن تحفة معمارية فحسب بل كانت متحفا إنسانيا“، محملة المسؤولية لمصلحة البناء التي تتلاعب بشتى الطرق، ولمسؤولين خلقوا مجتمعات منفصلة داخل مدينة واحدة.
هذا الوضع القاتمالذي قدمه المتدخلون في لقاء فضاء حزب التقدم والاشتراكية للأطر، كان مادة دسمة لنقاشات ولخلاصات أدانتالتفريطفي مصالح المدينة وحقوق السكان، واعتبرت،في نفس الوقت، بأن الدار البيضاء، بوزنها البشري وثقلها الاقتصادي، لا يجوز أن تظل رهينة لمجموعات تتقاذفها الحسابات والمصالحالذاتية، ولم تبرهن على أيةقدرةعلى تدبير شؤون المدينة وساكنتها وفق المنظور الديمقراطي ووفق مقتضيات الدستور الجديدة.
كما جددت خلاصات اللقاء الالتزامالدائملحزب التقدم والاشتراكيةبمواصلة العمل، مع الساكنة وكل شرائح المجتمع وفعالياته الديمقراطية،من أجلمواجهة المشاكل القائمة وإنقاذ جهة الدار البيضاء من هذا الوضع المأزوم،داعيةالى تكتل جهود كل الأطراف والفعاليات والمؤسسات التي يهمها حاضر ومستقبلالدار البيضاءوخدمة الصالح العام.