خروقات خطيرة يعيشها المستشفى الإقليمي ابن امسيك .. فين وزير الصحة

يُعدُّ موضوع المنظومة الصحيَّة ببلادنا من بين المواضيع التي لا تنضب، لتشعبها من جهة وتداخلها من جهة أخرى، بل تُعدُّ من المواضيع الأكثر سوداوية في مغرب اليوم، التي وللأسف الشديد أضحت تُشكّل عبئًا ثقيلًا على المواطنين بكلّ طبقاتهم، بل أكثر من ذلك اعتبرها البعض نقطةً سوداءَ تسيء لصورة بلد بأكمله، نظرًا لما تركه القطاع من مُشكلات على مدى عقود من الزمن، على الرغم من أن هذا القطاع يُعدُّ من أولى أولويات أعلى سلطة في البلاد ممثلة في جلالة الملك محمد السادس، حيث أكَّد في أكثر من خطاب ومناسبة، أن المغاربة يتطلعون لتعميم التغطية الصحيَّة وتسهيل ولوج الجميع للخِدْمات الاستشفائيَّة الجيّدة في إطار الكرامة الإنسانيَّة، كما أكَّد جلالته مرارًا أن ما تم تحقيقه في المجال الصحي يبقى دون طموحه إيمانًا من جلالته بأن حقّ الولوج للخِدْمات الصحية الذي كرسه الدستور الجديد للمملكة يُعدُّ دعامة أساسيَّة لترسيخ المواطنة الكريمة التي ينشدها الجميع.
ومن هذا المنطلق، فإنَّنا لن نتحدَّث اليوم عن الأطباء أو المُمرضين أو الإداريَّين، ولكن سنتحدّث عن فئة جديدة ودخيلة عن المنظومة الصحية إن صحّ التعبير، بل لا علاقة لها بمجال تقديم الخِدْمات الصحيّة لا من قريب ولا من بعيد، إنهم حراس الأمن الخاص الفئة التي أصبحت بين ليلة وضحاها الآمرة الناهية داخل المستشفيات العموميَّة ومنها المستشفى الإقليمي ابن امسيك ، فبمجرد ما تطأ قدمك هذا المستشفى إلا وتجد في استقبالك أحد حراس الأمن الخاص ليستفسرك عن غرضك من الزيارة، ويبدأ مسلسل طويل ومُمل من الابتزاز والرِّشوة والتي غالبًا ما تتطوّر إلى عنف لفظيّ وجسديّ يكون ضحاياه مرضى مغلوبون على أمرهم وكذا ذويهم ومرافقيهم، وذلك طبعًا نتيجة عدم رضوخهم وانصياعهم لإملاءات حراس الأمن الخاص وتلبية رغباتهم المادية الجشعة وغير المشروعة والتي يتم فرضها بطريقة بلطجيّة على مرتادي هذا الفضاء الاستشفائي العمومي الذي وكما يعلم الجميع لا يرتاده إلا الفقراء والمعوزون والمغلوبون على أمرهم.
وبالمقابل فإنه بانصياع المواطنين -المرضى وذويهم- وتلبيتهم لطلبات هؤلاء الحراس يتغير كل شيء ويصبح الغائب حاضرًا والمعطل مشغلًا والموعد البعيد بالشهور قريبًا بالأيام أو بالساعات وقس على ذلك ببساطة يمكننا القول إن مفتاح قضاء الأغراض داخل المستشفى الإقليمي اين امسيك هم حراس الأمن الخاص، حتَّى شاعت عبارات غريبة بين المواطنين « كنعرف واحد السيكوريتي يقضيك إللي بغيتي فالمستشفى » الأمر الذي أصبح يثير الاستغراب والسخرية بين المواطنين، ويطرح مجموعة من علامات الاستفهام حول مدى قانونية ما يقوم به هؤلاء الحراس داخل المستشفى الإقليمي ابن امسيك ؟ وما هي حدود صلاحياتهم؟ وما مدى إمكانية مساءلتهم؟ ومن جهة أخرى مَن المسؤول عن مراقبة عمل هؤلاء الحُرّاس داخل المستشفيات العموميّة؟ ويبقى السؤال الجوهري أية علاقة تربط هؤلاء الحرّاس بالأطقم الطبيَّة والإدارية بالمستشفى؟ خصوصًا أنه بإرضاء حارس الأمن الخاص فإنك أوتوماتيكيًا تنال رضى الطبيب ومن يدور في فلكه وتقضى حاجتك داخل المستشفى كيفما كانت صعوبتها قبل التوافق والرضوخ لطلباتهم.
إن المتمعن في هذا الموضوع يشتم منه منذ الوهلة الأولى رائحة وجود علاقة مشبوهة واضحة المعالم لا لبس فيها، أبطالها أطقم طبيَّة وإداريَّة عديمة الضمير وحراس أمن خاص طالهم الجشع واستحلوا المال الحرام فسقطوا في مستنقع المتاجرة بآهات المرضى ومعاناتهم من أجل تحسين وضعيتهم الماديَّة حتى أصبحنا نرى مجموعة منهم يمتلكون السيارات والشقق، بل أكثر من ذلك أصبح هاجسهم الوحيد هو الحفاظ على هذا المنصب الثمين والمغري والذي يدرّ ذهبًا على صاحبه بشكل يومي ودون عناء.
وختامًا أتوجه بنداء إلى جميع المُتدخلين في المنظومة الصحية ببلادنا من أجل التدخل بأقصى سرعة وإيقاف هذا العبث والاستهتار والاسترزاق بصحة المواطنين والمقامرة بها والعمل على القطع مع هذه الممارسات الدنيئة التي يقوم بها هؤلاء الحراس بتواطؤ مكشوف من طرف الأطقم الطبيَّة والإداريَّة داخل هذه المراكز الاستشفائية العمومية – المستشفى الإقليمي ابن امسيك نموذجًا – في تغليب واضح وصريح لمنطق الربح والمتاجرة بالمرضى في تعدٍ صارخ على المقتضيات القانونيَّة والأخلاقيَّة والإنسانيَّة والدينيَّة .
يتبع …