البيضاء … تنظيم معرض بيو إكسبو المغرب

لا يمكن اعتبار التوجه المتزايد نحو استهلاك المنتجات « بيو » مجرد اتباع للموضة، وإنما هو نابع من اختيار رزين للنقاوة والصفاء والنظافة، و ناتج بشكل خاص عن اختيار لما هو صحي وسليم. فقد أصبحت ظاهرة التعميم شبه التام لاستعمال المبيذات الزراعية في الإنتاج الفلاحي الكبير، تطرح اليوم وبحدة إشكالية كبرى بالنسبة للصحة العمومية. من هنا فإن بزوغ وتنمية المنتجات بيو جاء كجواب على هذا الواقع. وانطلاقا من الوعي بهذا التطور الطبيعي، قررت جمعتي « Agissons vert » و «نادي المقاولين بيو » (CEBio) تنظيم الدورة الأولى لمعرض بيو إكسبو المغرب خلال الفترة من 21 إلى23 يونيو 2019، حول موضوع « البيو، قطاع وطني بمؤهلات كبيرة »، وذلك في فضاء « نادي الهواء الطلق بارادايز » بالدار البيضاء.
من الظواهر الشائعة اليوم ملاحظة العناية الخاصة التي أصبح المواطن المستهلك يوليها لاختيار مكونات تغذيته الأساسية، وبيئته المحيطة وكل ما يتعلق بحياته اليومية. وبالتالي فقد أصبح اختيار المنتجات بيو، كمكون أساسي لرفاهيته، يشكل تصرفا طبيعيا، في الوقت الذي اكتسحت فيه المواد الكيماوية أسواق الإنتاج الغذائي على جميع مستوياته الاستهلاكية.
البيو كعلامة
اختيار عن وعي ودراية
من المؤكد أنه لا يمكن اعتبار استهلاك المنتجات بيو سلوكا عديم الجدوى. بل إنه يعد تصرفا عن وعي ودراية، يقوم على الرغبة في اختيار منتجات تتوفر فيها، في نفس الوقت، القيمة الغذائية المضمونة والنظافة الأكيدة وأقل ما يمكن من المخاطر بالنسبة للصحة. اقتناعا منهما بأهمية هذا المطلب الثلاثي، قررت كل من جمعية « Agissons vert » و «نادي المقاولين بيو » (CEBio) تنظيم الدورة الأولى لمعرض “بيو إكسبو المغرب”، الذي يهدف بشكل الأساسي إلى المساهمة في تحسيس المواطنين بضرورة استهلاك المنتجات بيو من أجل حماية صحتهم وضمان نظافة وسلامة ما يستهلكون، إضافة إلى جمع المقاولين الناشطين في مجال البيو حول القيم المشتركة المتمحورة حول الجودة واحترام العلامة.
رغم أن استهلاك منتجات بيو يعرف توسعا مطردا، إلا أن المستهلكين ليسوا دائما على اطلاع تام بماهية المنتوج بيو، كما أن المقاولين المستثمرين في القطاع يتوفرون على كل المعطيات حول ما يجري داخل محيطهم القريب. ومن هنا الأهمية المزدوجة لهذا المعرض، والذي يستهدف في آن واحد إلى ملامسة أوسع شريحة من المستهلكين وكذا الفاعلين في مجالات الإنتاج بيو، خاصة مستحضرات التجميل والمكملات الغذائية والنسيج والألعاب وغيرها من المنتجات الموسومة بعلامة بيو.
يشكل معرض بيو إكسبو المغرب لحظة متميزة تمنح للزوار والعارضين فرصة للتعرف على أحدث المستجدات في هذا القطاع، بالنسبة للبعض، وأيضا فرصة تشارك الخبرات والتجارب وإثراؤها بالنسبة للبعض الآخر. لأنه فيما وراء الحدث في حد ذاته، فإن المعرض يعد مناسبة للاطلاع على الإستراتيجيات القطاعية المعتمدة والتعرف على مؤهلات سلسلة الإنتاج بيو، ويشكل على الخصوص مناسبة لتظافر جهود الفاعلين، كما يؤكد ذلك سليم القباج، رئيس CEBio، والذي صرح بأن “معرض بيو إكسبو المغرب سيتخلله توقيع اتفاقيات وتقديم العديد من المشاريع والمبادرات والإجراءات المتخذة لصالح المستهلك في مختلف جهات البلاد. كما أن تعبئة العارضين ودينامية إنتاجهم والمشاريع الجارية، من شأنها أن تُبَوّأ السلسلة المغربية لإنتاج البيو مكانتها كقطاع اقتصادي كامل الصفة بكل معنى الكلمة، والمساهمة في تمكينه من اكتساب اعتراف ومصداقية أكيدة على المستوى العالمي. ومن المرتقب أن يشارك كل الفاعلي القطاع في هذا المعرض، وكذلك أصحاب القرار الحكومي وقادة الرأي والأبناك والإعلام”.
استهلك بيو،
مسألة صحة عمومية
لقد أصبح اليوم من المسلمات والبديهيات أن الإنتاج الفلاحي الموجه للاستهلاك البشري يعاني من تعميم استعمال المواد الكيماوية والمبيدات، والتي لم تعد فحسب تشكل ضررا بالنسبة للنظافة والسلامة الصحية وإنما أيضا تشكل خطرا داهما بالنسبة للصحة العمومية بشكل عام.
فكما تؤكد ذلك السيدة بشرى البوكيلي، رئيسة جمعية Agissons Vert، فقد “أثبتت الدراسات العلمية وجود ارتباطات بين النظام الفلاحي وآثاره السيئة على الصحة والبيئة. فقد أصبحت تغذيتنا اليوم عنصرا فاعلا في ارتفاع مخاطر الإصابة بالسرطان والأمراض المزمنة. فإذا كان البعض يعتبرون البيو كترف اختياري في الماضي، فإنهم يرونه اليوم كأولوية ضرورية من أجل الحفاظ على السلامة الصحية والبيئية. لهذا السبب أردنا من خلال تنظيم هذا المعرض إشراك المستهلك وإعلامه وتحسيسه عبر دعوته لاكتشاف مختلف الجوانب الأساسية لهذا القطاع، ومن بينها التغذية والمكملات الغذائية، والمنتجات البيئية، ومستحضرات التجميل، والنسيج واللعب، والنقل الأخضر، والأثاث والعقار الأخضر، وعلى الخصوص تفادي استعمال منتجات التقليد والقناع الأخضر الذي يمارسه بعض التجار الغشاشين من عديمي الضمير”.
إن أهمية معرض بيو إكسبو المغرب تسمو فوق كونه مجرد حدث عابر. إنه خيار مجتمعي، تمليه ضرورة إيجاد التوازن بين الاستهلاك الجماهيري، من جهة، وهاجس الصحة العمومية، من جهة ثانية، وهي ضرورة تفترض السهر على تحقيق التوازن في إطار نموذج حياة يحترم البيئة، وضمان حماية الطبيعة والسلامة الصحية والمحافظة عليها بشكل وثيق ومؤكد.
معرض بيو إكسبو المغرب،
الأهداف والتصميم
تروم جمعيتي CEBio و Agissons Vert، من خلال مبادرتها إلى تنظيم معرض بيو إكسبو المغرب، تحقيق ستة أهداف أساسية :
• توحيد جهود وتظافر طاقات كل الفاعلين في مجال الإنتاج بيو في إطار معرض ذو بعد وطني؛
• جمع كل المشاريع المكتملة في مكان واحد لتقديم نظرة شاملة عن منتجات بيو المغربية وتثمينها؛
• تمكين المهنيين والمستهلكين من تبادل الرأي حول مواضيع تتعلق بمنتجات بيو وقضايا التغذية والحمية وحماية البيئة وتغير المناخ والطاقات المتجددة والإيكولوجيا؛
• الالتقاء بالجمهور والمستهلكين الحاليين والمحتملين في إطار مهني وبكل شفافية وودية؛
• النقاش حول الرهانات الكبرى لقطاع بيو :
الإطار القانوني والتنظيمي؛
الترويج؛
التصدير؛
الفضائل؛
التتبع؛
التخوفات؛
التهريب؛
التقليد؛
…
• اعتماد قنوات تواصل وأدوات تحسيس فعالة.
ويستقي وضع هذه الأهداف جوهره من اختيار المغرب الاستراتيجي للمضي قدما في تنمية الزراعة بيو بدعم إرادي وواع من طرف السلطات العمومية.
وجاء هذا الاختيار كرد على الحدود التي وصلت إليها المقاربات والأدوات التقليدية للإنتاج الفلاحي وتربية المواشي، والتي أصبحت اليوم عاجزة على تحقيق التوازن الآمن بين أسس الصحة العمومية غير القابلة للمساومة والاستهلاك الغذائي الجماهيري الواسع للمواطنين.
وانطلاقا من ذلك، فإن منتوج بيو المغربي يقدم بديلا مقبولا وموثوقا، سواء على مستوى السوق المحلية أم الدولية.
وإجمالا، فإن معرض بيو إكسبو المغرب يمثل، من وراء الحدث، إطارا ملائما لتقديم العرض المغربي في مجال منتجات بيو في كامل تنوعها وغناها، وفي الوقت نفسه يشكل مكانا لتبادل المعلومات والتجارب والخبرات وفضاء خصبا للتلاقي ونسج الشراكات المربحة للطرفين.
وتجدر الإشارة إلى أن أزيد من 50 عارضا يساهمون في تنشيط معرض بيو إكسبو المغرب. وسيتمكن 15 ألف زائر، الذين سيحجونه، من استكشاف المجموعة الواسعة من المنتجات بيو المغربية، إضافة إلى حضور موائد مستديرة مؤطرة من طرف أزيد من 20 خبيرا وطنيين ودوليين.