الرأي

شمسي يكتب: لأي طفل أنت يا حقوق الطفل ؟

الآن وقد هدأت عاصفة وفضيحة واقع مدرسة أولاد وهاب بجماعة الزيايدة إقيلم بنسليمان ، أقول هدأت إعلاميا ، أما على أرض المدرسة فمعاناة الصغار مستمرة ، وحده قضاء الله شاء أن ينحبس المطر ، فتخف موازين أطفال لا يعتبرهم المسؤولون عن الشأن التعليمي هناك مشمولون بحقوق الطفل .
لم يكن لا رئيس جمعية الآباء والأمهات ولا رئيس جمعية الخير ( محرر هذا العمود) ، يعتقدان أن ردة فعل المسؤولين عن التعليم هناك بعد تلك الكارثة ، ستتجلى في أعمال ترقيعية لساحة المدرسة ، وغسل سريع للأوحال بسواعد الصغار ، درءا للمسؤولية واستتارا من العار ، ثم بلاغ ناكر للواقع ، هارب للأمام من المديرية الاقليمية للتعليم ببنسليمان ” مسح السما بليكة” ، بمعنى بلاغ ” جمع وطوى وطلع لجبل” ، وأكد أن أطفال تلك المدرسة يتابعون دراستهم فيها بشكل طبيعي ، وأن الذنب كل الذنب على المطر والتربة .
يمرح اطفال تلك المدرسة في ساحتها ، وبباب مدخلها ، يطاردون بعضهم البعض ، في حيوية لا تنتهي ، يستهزؤون من مسؤولين تربويين ” يكذبون على الجغرافيا وعلى التاريخ ” ، ما أسعدهم وما أروعهم وهم يضحكون جهرا ، ثم لا تلبث حمرة الخجل أن تحمر على خدودهم البريئة ، ملفهم المطلبي لا يتجاوز حد توفير مرحاض يقضون فيه حاجاتهم البيولوجية في هدوء ، ولا يتجاوز توفير فضاء آمن يخرجون منه كما يدخلونه آمنين ، أما التحصيل والمعرفة وتقييم المستويات فذلك أمر خارج عن إراراداتهم البريئة .
اجتماعات واتصالات ولقاءات ، وكلام كثير ، مع شكايات و تغطيات إعلامية ، ووعود بفك الحصار عن الصغار ، والصغار لا يبالون ، فقد تكيفوا مع حياة المستنقعات ، وباتوا لا يشعرون بقساوة البرد والأوحال ، بقدرما يتفرجون على عرض ماسخ الممثلون فيه هم المدير ورؤساؤه ، وهم يصبغون جدرانا متآكلة في قلب المدرسة لستر السوءة ، ويتناقلون الأحاديث عن صور مدرستهم التي غزت العالم العنكبوتي ، ويتسائلون بصدق : هل لزاما علينا كأطفال أن تغزو معاناتنا كل وسائل الإعلام ليتذكرونا ؟ .
طبعا هؤلاء الأطفال ليسوا كبقية الأطفال ، على الأقل في نظر وزارة التعليم ومن يمثلها في الاقليم ، وليسوا كذلك في نظر جميع المسؤولين هناك ، ومن يتجرأ على وصفهم بأطفال حقوق الطفل فليأت بطفله أو طفلته في سنهم وليتركه معهم داخل تلك المدرسة في تلك الظروف لساعة واحدة فقط ، أتحداهم أن يفعلوا ولن يفعلوا ، أطفالهم يدرسون في كبريات المدارس الخاصة ، منهم من ينقله السائق الخاص ، ومنهم من تنقله سيارة الدولة وعلى حساب الدولة لمنصب الوالد أو الوالدة ، ومنهم من ينقله النقل المدرسي الخصوصي ، مدارسهم أنظف من النظافة نفسها ، فيها مطاعم تقدم لهم من الطعام والشراب ما لا يجد أطفال مدرسة أولاد وهاب مثيلا له إلا في ما أعده الله للمتقين في جناته ، أطفالهم يستمتعون بطفولاتهم ، وأطفال المدرسة المنكوبة يهرولون جماعات نحو الشعاب ووسط ” الضرك” ليتبولون أو يتغوطون .
لن نترككم يا صغارنا بين أيدي من لا يتق ضميره فيكم ، ولن نتنازل عن المطالبة بتحقيق ملفكم المطلبي رغم شكاياتهم الكيدية ضدنا ، ونقسم قسم الشجعان أننا سنوصل حصاركم وعزلتكم إلى آذان تسمع وتلبي النداء ، وسننزع قسطا من قوت أطفالنا لننقذكم ، يا جيل الغد ويا رجال الدوار والإقليم المقبلين .
يحز في النفس أن يتولد لدينا شعور أن انفاقية حقوق الطفل ، ومعها الدستور وكذا القانون لا يشملونكم ، لكن تبا لمسؤولين يقتاتون من تواجدكم في مدرستكم ، ولا يكلفون أنفسهم حتى الشجاعة للاعتذار منكم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى