المكسيكيون يعطبون الماكينة الألمانية

محمد الشمسي
ليس الفوز على منتخب المانشافت مجرد نتيجة تنتهي بها مباراة في كرة القدم ، بل هو مفاجأة من مفاجآت مونديال روسيا 2018 ، وعندما يكون المنتصر على الألمان هو المنتخب المكسيكي فإن الأمر يتجاوز المفاجأة ويقترب من المعجزة ، فالألمان هم أبطال النسخة الماضية ، وهم أسياد الكأس العالمية لعدة مرات ، وهم قاهرو كبريات المنتخبات في الإقصائيات والنهائيات ، فحتى الجماهير المكسيكية كانت تمني النفس في أحسن الأحوال بتعادل سيظل تاريخيا مع خصم يتقن كيف ينتصر ، لكن أن تنتهي المواجهة بفوز المكسيك فهذا وحده إنجاز مكسيكي غير مسبوق ، ويكفي المكسيكيين ليرسم بهجة وفخرا .
لم يكن الألمان في يومهم يوم لقائهم مع المنتخب المكسيكي ، فقد انطلقت المباراة بسيطرة ألمانية واستحواذ على الكرة ، وقد فطن مدرب المنتخب الأمريكي الشمالي لرغبة الآلات الألمانية الكاسحة ، فأغلق الممرات ، وأعد كتيبته للهجومات المضادة السريعة ، والمتمثلة في تشكيل تفوق عددي ، يستغل صعود كل الخطوط الألمانية للمساهمة في الهجوم ، بحثا عن هدف يسهل على الألمان مهمة التأهل لدور 16 ، وعلى هذا المنوال صارت المواجهة ، لكن وبعد نهاية النصف ساعة الأولى من الشوط الأول وعلى إثر مرتد هجومي مكسيكي ، وبطريقة اللاعبين الكبار الذين لا يقومون بها إلا أمام مدافعي المنتخبات الصغيرة ، تسلم مهاجم مكسيكي كرة في مربع عمليات الألمان ، ثم عمد إلى زحقلة مدافع ألماني بمراوغة خفيفة وخاطفة ، ويهيأ الكرة لرجله اليمنى ، لكي يركلها بقوة نحو شباك حارس اكتفى بالسقوط بعد اختراق الكرة لشباكه ، معلنا عن بداية سيناريو المغامرة المكسيكية ، ومعلنا عن تعطل الماكينة الألمانية .
ثارت ثائرة الألمان بحثا عن هدف يرممون به تاريخهم وكبريائهم ، ويحافظون به على جاههم ، فهم أبطال نسخة 2014 في البرازيل ، وهم من هزموا البرازيل في عقر الدار سنتها بسباعية ، لكن محركات الآلة الألمانية لم تقو على اكتساح دفاعات المكسيك ، الذين ساروا على نفس المنوال ، قوة في التصدي ، وسرعة في المباغثة ، وكادوا بهذه الطريقة أن يضيفوا أهدافا كانت ستنزل زلزالا مدويا على عشاق المنتخب الأوربي الذي لا يقهر ، وظل الحال على ما هو عليه ، إلى أن أعلن الحكم عن نهاية المباراة وتحققت للمكسيكيين ما كان حلما بعيد المنال ، وخرجوا من الملعب يحملون معهم ثلاث نقاط يضعون بها رجل واحدة في دوري 16 ، ويتركون الألمان في دهشة غير مصدقين أنهم انهزموا ، وملوحين بتجاربهم العديدة والكثيرة في تاريخ المونديال ، بأن هناك منتخبات استهلت مشوارها بهزيمة ، لكنها فازت بالكأس في نهاية المطاف ، فهل يكررها الألمان ، أم أن الهزيمة أمام المكسيك بداية نهاية جيل لم يعد قادرا على إنتاج الأمجاد .