كادت تتهور : وزارة الصحة تعود لرشدها وتنصف شهيدة الواجب

•محمد الشمسي
ماتت الطبيبة مريم أصياد بالحي المحمدي بوباء كورونا، كانت وفاتها بسبب ممارستها لمهنتها في المستشفى الذي تشتغل فيه، وداخله انتقل إليها الفيروس الغادر، فسلمت الشهيدة روحها للباري عز وجل، ولأن الموت حق، ولا يموت أحد إلا بأجله، ولأنه لا راد لكتاب الله، فإلى هنا لا يظهر في الأمر لبسا ولا غموضا، لكن عندما ربط أحد أفراد الطبيبة شهيدة الواجب الاتصال بإدارة المستشفى لأجل الشروع في سلك مسطرة حادثة شغل، باعتبار المرحومة حملت الفيروس في المستشفى وانتقلت إليها العدوى من زميلة لها في نفس المستشفى، تهورت إدارة المستشفى ومعها وزارة الصحة، ورفضت اعتبارها حادثة شغل، بل إن الإدارة ذهبت بعيدا في تهورها حين زعمت أن العدوى انتقلت للطبيبة خارج المستشفى، وبحسب الإدارة فذوي حقوق الطبيبة لا يستحقون أي تعويض، كان هذا الرد صادما ليس فقط لأسرة الطبيبة المتوفاة، ولا للرأي العام الذي تغنى بتضحيات جنود “الجيش الأبيض”، وهو يواجه فيروسا خطيرا و”بداك الشي اللي عطا الله”، بل صدم جواب الإدارة والذي كان طبعا بفتوى من الوزارة الأم كل الأطقم الطبية والتمريضية، لأنهم وجدوا أنفسهم سيكونون مجبرين على الاستعانة بشهود ووثائق تؤكد إصابتهم بالعدوى داخل المستشفيات والمراكز الصحية التي يعملون بها، إن هم أرادوا أن تعترف لهم وزارة الصحة بحق هو في نهاية المطاف لهم وحقهم، وإن ماتوا فعلى ذويهم خوض رحلة الإثبات من عدمه، والحال أن روح القانون ذهبت أبعد من ذلك حين اعتبرت أن العلاقة الشغلية أو الوظيفية قائمة ومستمرة ولو تواجد الموظف أو الأجير خارج مقر العمل، شريطة أن يكون ذلك التواجد بسبب تلك الوظيفة كأن يكون قادما من مسكنه نحو عمله ، أو متوجها من مقر العمل الى بيته، أو يوجد في مهمة من صميم عمله مكلف بها من لدن الإدارة، فلو انتقلت العدوى للمرحومة وهي في عطلة منقطعة عن عملها أو في إجازة استثنائية لأي سبب، لكان لإنكار الوزارة مبرر ، لكن السيدة حملت الفيروس في المستشفى ومن طرف زميلة لها في نفس المستشفى بعد أن خالطتها، فما الداعي لنهر أهلها وإهانتهم بقرار متهور؟، وماذا سينقص من خزائن وزارة الصحة إن هي حددت لهم تعويضا؟.
في الختام عادت وزارة الصحة الى رشدها تحت ضغط زملاء وزميلات الطبيبة المتوفاة، وأنصفت الشهيدة، واعتبرت موتها حادثة شغل موجبة للتعويض، والحال أن التعويض المادي يجب أن تسبقه شهادة عرفان لروحها تسلم لأبنائها ونسخة منها تعلق في مدخل المستشفى امتنانا لتفانيها وخروجها لمواجهة الفيروس بشجاعة وشكيمة وإخلاص، فهل تتحلى وزارة الصحة بروح طبية صحية وتمنح شهادة تقدير لكل طبيب أو طبيبة أو ممرض أو ممرضة خطفه أو خطفها هذا الوباء وهو في خندق المواجهة؟، هيا يا وزارة الصحة فلتكوني في الموعد ولو لأول مرة في تاريخك ، فهؤلاء أبناؤك، والأم لا تفترس أبنائها؟.