المخطط العشاري للعدل والإحسان: من فشل القومة إلى الخلافة على منهاج ضرب الأعناق

سقطة مدوية تلك التي بصم عليها محمد عبادي، الأمين العام لجماعة العدل والإحسان من خلال تصريحاته التي تنظر لقدوم الخلافة، ولكن هذه المرة مع متغير خطير يتعلق بجواز ضرب أعناق الرافضين لها، الأمر الذي جر وراءه عاصفة من الانتقادات على الجماعة وأمينها الذين طالموا مارسوا تقية السلمية والطهرانية لتمرير خطابهم الإسلاموي. فهل يتعلق الأمر فعلا بتحول في استراتيجية الجماعة نحو العنف؟ أم أن الأمر لايعدو كونه زلة فضحت جانبا ظل خفيا في عقيدة الجماعة؟
لا شك أن تصريحات عبادي حول ضرب أعناق الرافضين للخلافة لا تعدو كونها إشهارا لقناعات الجماعة وتوابثها المرجعية،ولنا في العقديين الماضيين أدلة عديدة على أن مبادئ من قبيل السلمية والحسنى ليست إلا شعارات للاستهلاك الخارجي ودر التعاطف، في مقابل أمثلة على جنوح أتباع عبد السلام ياسين للعنف في محطات تاريخية عديدة، سواء بشكل مباشر من قبيل ما تعيشه الساحة الجامعية، أو بشكل غير مباشر من خلال الركوب على المطالب الإجتماعية والاحتجاجات السلمية لممارسة إرهاب العنف في مواجهة الدولة.
ومن هذا المنطلق كان لا بد من دق ناقوس الخطر في مواجهة ما خرج به مرشد الجماعة من دعوات للعنف، فالعدل والإحسان لم تكن في يوم من الأيام جماعة سلمية،وهي التي طالما بنت استراتيجيتها على استعراض القوة والإنزالات البشرية بالشارع، لذا كان من الضروري أن ترتفع أصوات العقل بين التيارات الحداثية والوطنية للتنديد بهذا الفكر الهدام ومواجهة هذه النزعة التعصبية نحو العنف.
فأن ينظّر رأس الجماعة لتطبيق الخلافة بحد ضرب الأعناق، خصوصا في هذا السياق الإقليمي والدولي المطبوع ببربرية التيارات الجهادية ووحشيتها، لهو دعوة صريحة لاستيراد الفكر الداعشي في أبشع صوره، وتحريض صريح للأتباع على شرعية سفك الدماء في سبيل تحقيق الأهداف، وذلك رغم محاولة بعض قيادات الجماعة تبرير هذه التصريحات من خلال إلباسها طابع الشرعية حينا، أو الهروب إلى الأمام واستغلال نظرية المؤامرة لرفع الوزر عن المرشد أحيانا أخرى.
لقد أجمع العالم بشرقه وغربه على أن المغرب بمؤسساته وأجهزته الأمنية يشكل استثناءا إقليميا ودوليا فيما يتعلق بالاستقرار والأمن والسلم المجتمعي، وذلك في ظل دولة حديثة عمادها مؤسسة إمارة المؤمنين، لذا فكل محاولة لجماعة الإحسان لتصريف فشل رؤية القومة والخلافة على طراز عبد السلام ياسين، وما تبعها من تبخر أحلام منظري الجماعة وتشردمهم، لن تجد أمامها إلا المزيد من أصوات العقل التي تفضح المناورات السياسوية الضيقة ودعوات التفرقة التي تزخر بها أدبيات الجماعة