في إطار سلسلة الملتقيات الجهوية المبرمجة بتراب وأقاليم جهة الدار البيضاء سطات لإعداد مشروع المخطط التنموي الجهوي، احتضنت عمالة إقليم بن سليمان يوم السبت 12 دجنبر 2015 الملتقى الجهوي الخامس، بحضور والي الجهة، و رئيس الجهة، والسيد عامل إقليم بن سليمان و عامل إقليم برشيد و عامل عمالة المحمدية والسيد العامل المدير العام للوكالة الحضرية للدار البيضاء، و الكتاب العامون، و رئيس المجلس الإقليمي، و نواب وأعضاء مجلس الجهة، ورؤساء المجالس الترابية وبعض البرلمانين بالإقليم، وممثلي القطاعات الحكومية بالإقليم والمتدخلين الاقتصاديين، وفعاليات الشأن المحلي والمجتمع المدني، والهيآت الإعلامية والصحفية.
افتتح اللقاء بكلمةرئيس المجلس الإقليمي الذي استهل حديثه بالترحيب بالحاضرين مبرزا أهمية هذا اللقاء باعتباره مناسبة لتجسيد أبرز مشروع سياسي وطني المتمثل في الجهوية المتقدمة، منوها بهذه المبادرة كمحطة أساسية للتواصل مع فعاليات الإقليم، تكريسا لمبدأ التشاركية، ونقلة نوعية في نمط اللامركزية، ودمقرطة المسار التنموي من خلال مشاركة الساكنة في صناعة القرار وتدبير شؤون جهتهم.
أشار كذلك إلى أنه على الرغم من توفر الإقليم على مؤهلات طبيعية وموقع جغرافي الذي يطرح مشكل الولوجية متميز إلا أنه يعاني من عدة إكراهات تتمثل في قلة الموارد المائية، ووعورة التضاريس، وضعف الإستثمارات، مما يستدعي تدخلا بناءا لاستقطاب برامج ومشاريع مهيكلة جديدة وغير ملوثة، والتي تراعي كذلك خصوصية الإقليم المجالية باعتباره مركزا رائدا في الجانب البيئي.
وفي تدخل له بالمناسبة أوضح والي الجهة أن تنظيم هذه الملتقيات يندرج في إطار تفعيل مضامين الدستور الجديد، والقوانين التنظيمية التي تنص على التشاركية في تحضير المخططات التنموية الجهوية، وتفعيل دور السلطة في مواكبة المجالس المحلية في بلورة هذه الرؤية من خلال تشخيص المؤهلات ورصد الإكراهات وتفعيل التجاوب الفعال والإيجابي النابع من قناعة جماعية تستجيب للتوجيهات الملكية السامية وتحقق انتظارات الساكنة، ولتكوين نظرة شمولية حول حاجيات الإقليم في إطار موسع يأخذ بعين الإعتبار باقي مكونات الجهة تفعيلا لمبدأ الإنصات والتشاور بين مختلف الفاعلين والمتدخلين.
من جهته اعتبر رئيس مجلس الجهة أن هذا الملتقى هو بمثابة محطة جديدة وفرصة أخرى للوقوف على التنوع المجالي والقطاعي الذي تزخر به الجهة مما أدى إلى رفع سقف الإنتظارات والمراهنة على مشروع الجهوية باعتبارها آلية جديدة في الهندسة المؤسساتية التي يعول عليها للاستجابة لمجموعة من الحاجيات وتفعيل المؤهلات والمكتسبات المرصودة، إلا أن بلوغ هاته الغاية يستلزم انخراط الجميع سواء الهيآت المنتخبة أو الفاعلين القطاعيين والشركاء الاقتصاديين، لتوفير خدمات ذات جودة توافق انتظارات الساكنة في شتى الميادين بشكل معقول وواقعي وفق جدولة زمنية معقولة، وسلم للأولويات، أخذين بعين الإعتبار المشاركة الفعلية والنوعية لإعداد باقي المخططات التنموية، كمخطط إعداد التراب، ومخطط التنقل، وإعطاء معنى حقيقي ملموس لمبدأ التشاركية الذي جاء به دستور 2011.
قدم عامل إقليم بن سليمان خلال هذا الملتقى عرضا مفصلا يشمل المراحل التي واكبت تأسيس الإقليم، وعدة محاور رئيسية تضم المعطيات العامة ودينامية التنمية والقطاعات المنتجة والتأهيل الحضري والمؤهلات الإقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وآفاق التنمية حيث أبرز السيد العامل أن الإقليم بصدد برمجة مجموعة من المشاريع الهيكلية التي تتطلب مواكبة الجهة، من قبيل تنمية الطرق باعتبارها رافعة أساسية للتنمية، كمثال تثنية الطريق الجهوية الرابطة بين بن سليمان وبوزنيقة على طول 4 كلم، وتثنية الطريق الرابطة بين بن سليمان المحمدية، وإنشاء نصف بدال بجماعة الشراط، كما دعا إلى إدراج إقليم بن سليمان ضمن المخطط الجهوي للتنمية الطرقية، وفي نفس السياق وعلى مستوى باقي القطاعات، ركز السيد العامل على دعم الجهة من خلال تأهيل البنيات التحتية والتجهيز بما فيها الطرق والمواصلات خصوصا إعادة تأهيل و هيكلة المطار، وتقوية القطاعين الفلاحي والسياحي وجعلهما رافعة للاستثمار الجهوي لتطوير البنية الإقتصادية بالإقليم، ودعم إنشاء بنيات للاستقبال والترفيه، وتأهيل النسيج الحضري للمدينة، وتهيئة الشريط الساحلي بوزنيقة والشراط على طول 6 كلم، وتقوية وتوسيع شبكة الموارد المائية وشبكة الكهرباء بتعميم استفادة جل مناطق الإقليم منها، ودعم القطاع الصحي الذي يعاني من ضعف المستوصفات والمراكز الصحية ونقص حاد في الأطر الطبية والشبه الطبية خصوصا بالمجال القروي، وتطوير بنيات المؤسسات التربوية والتعليمية، ودعم القطاع الثقافي بإنشاء مركب ثقافي لترويج انتاجات الإقليم الفنية والإبداعية وتنظيم ودعم مهرجانات ومواسم تراثية وجعلها ذات إشعاع وطني، أما على المستوى البيئي الإيكولوجي فقد أشار السيد العامل إلى مشروع إنشاء الأكاديمية الإسلامية للبيئة بدعم من منظمة الإسيسكو، كما شدد على ضرورة تأهيل المجالات الخضراء والحدائق، اعتبارا منه أن إقليم بن سليمان يعد متنفسا بيئيا ايكولوجيا لجهة الدار البيضاء سطات.
وتطرقت جل تدخلات الحاضرين للرهانات والتحديات التنموية التي يعرفها الإقليم بعد التقطيع الجهوي الجديد، والتي تتطلب تكامل وظيفي، وانخراط جماعي على أساس تغليب منطق التنمية والتآزر والتضامن والتواصل الإيجابي والعملي بين مختلف مكونات الجهة.
واستعرض الحاضرين بهذه المناسبة مجموعة من الإكراهات التي تعوق الدينامية التنموية بالإقليم، والمتمثلة في ضعف البنيات التحتية، وبنيات الإستقبال خاصة منها الطرقية، كتثنية الطريق الرابط بين تيط مليل والكارة، وشق المسالك بالمناطق القروية لفك العزلة عنها، وكذا تعميم تغطية مجال الإقليم خصوصا منه العالم القروي بشبكات الماء الصالح للشرب والكهرباء، وتثمين الفضاءات البيئية والسياحية كبحيرة واد المالح، وأيضا إنشاء مدارات ترويجة للسياحة القروية، واعتماد مشروع الحزام الأخضر لحماية المحيط الإيكولوجي الغابوي بالإقليم، وإحداث مؤسسات تربوية جديدة خاصة بالمناطق القروية، وإحداث جامعة ومؤسسات التعليم العالي، وإدخال إصلاحات نوعية للتغلب على مشكل السكن العشوائي، وتطوير قدرات الشباب عبر خلق مركبات ودور الثقافة، وتأهيل الكفاءات الشابة، وإيجاد حلول مشكلة البطالة، ودعم الصناع التقليديين والحرفيين المحليين لعرض منتوجاتهم وتطوير قدراتهم، أما إكراهات التعمير، فقد ركزت على ضرورة مراجعة إيقاف الرخص الإستثنائية وإيقاف المخالفة منها للقوانين، كما دعا الحضور إلى الإعتناء بالجانب الديني، وإشراك المجتمع المدني في تدبير شؤون الإقليم مع الأخذ بعين الإعتبار لمقترحاته ومشاريعه ودعمها.
وفي تدخل له بالمناسبة ثمن والي الجهة التدخلات النوعية للسادة الحاضرين، كما نوه بالعرض المقدم من طرق السيد العامل، مشيرا إلى ان هذا الملتقى يأتي استمرارا لمجموعة متسلسلة من الجلسات التشاورية السابقة بأقاليم وعمالات الجهة، والتي سيتمخض عنها مجموعة من اللقاءات الموضوعاتية والقطاعية للخروج بقناعة جماعية حول كل وظيفة قطاعية بكل وحدة ترابية بالجهة، وأكد في معرض حديثه على ضرورة التعاون المثمر والبناء بين مكونات وهيآت الجهة، رغم مختلف انتماءاتها ووظائفها لخلق توازن شمولي يأخذ بعين الإعتبار تثمين القطاعات، وتأهيل البنيات، وتوفير الخدمات، وتطوير الكفاءات، وإنجاح الرؤى والمخططات، بناءا على ما جاء في دستور 2011 والقانون التنظيمي المنظم للجهات، وتفعيلا للتوجيهات المولوية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
وأشاد السيد رئيس الجهة بالعرض القيم الذي ألقاه السيد العامل، وتدخلات السادة الحاضرين منوها بما تضمنته من اقتراحات وأفكار مهمة رصدت مؤهلات ومقومات الإقليم وكذا الإكراهات التي تعيق الدينامية التنموية به، كما شدد على أن تنزيل مضامين الجهوية المتقدمة يستدعي بلورة رؤية تنموية شمولية بناءة، يتفق في إعدادها جل المتدخلين بما فيهم القطاع الخاص والمؤسسات العمومية وممثلي الهيآت السياسية وفعاليات المجتمع المدني تفعيلا لمبدأ التشاركية، وفي نفس السياق أبرز السيد رئيس الجهة أن نجاح التدبير الجهوي رهين بوضع المخططات الإستباقية والرؤى الإستشرافية، ورسم السياسات القطاعية البعيدة المدى باعتماد توزيع الوظائف، وتجسيد مفهوم الحكامة الترابية المتوازنة بمجالات الجهة ككل وتحسين مؤشرات التنمية لخلق ثروة الغد باستقطاب القطاع المنتج وتأمين ظروف الإستثمار وتدليل الصعوبات أمام المبادرات المقاولاتية، حيث يجب الإستفادة من التجارب الدولية المماثلة والناجحة، كما أوصى على أولوية مجال الخدمات الأساسية لتأمين الحد الأدنى حفاظا على كرامة المواطنين، واستغرب غياب سياسة تصنيعية لاسيما بالقطاعين الفلاحي والسياحي، رغم ما يتوفر عليه الإقليم من إمكانيات لاينقصها سوى التسويق الملائم وبنيات الإستقبال، وإستغلال متوازن ذي مردودية عالية، بالإضافة إلى إعمال المعطى الايكولوجي في أي تصور مستقبلي.
اختتمت الجلسة الصباحية من هذا الملتقى الجهوي بالدعاء الصالح لمولانا أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله بالسداد والتوفيق والصحة والعافية.
بعد ذلك قام الحاضرون بزيارة ميدانية شملت مجمع استوديوهات التصوير التلفزي بمدينة بن سليمان، يليه منتزه الحسن الثاني بمدينة بن سليمان، بعد ذلك قام الوفد بالتوجه لحريسة الخيول الوطنية الكائن بقصبة بوزنيقة، ثم المنتجع السياحي《الباهية كولف بتش》بمدينة المنصورية وقد قدمت للوفد شروحات تفصيلية خلال هذه الزيارات.
