الرأي

عاداوي ضرورة اعتقال دوزيم ومحاكمتها

كتب علي أن أرى مقتطفات من سهرة نظمتها القناة الثانية ليلة السبت الاحد 18 ابريل ، وقد كانت السهرة مخصصة لاستعراض نماذج لمصممين ومصممات مغاربة في مجال القفطان المغربي ، ذلك الزي المغربي الاصيل الذي لم يسلم من الإتجار في رمزيته ، والاعتداء على هويته ، عن طريق تشويهه وتحويله الى قطعة قماش تعرض الصدور والمؤخرات والسيقان .

ودون ان أكون مضطرا الى الكشف عن انتمائي وطبيعة فكري وثقافتي ، ودون حاجة من غيري الى ان يطلع على إيديولوجيتي ، لان هذا امر يخصني وحدي ، فإنه من باب الحق في التعبير الذي هو حق دستوري مقدس ، يتبجح به من يوظفه لهدم القيم ، فإن ما سمحت لنفسي أن أتابعه في تلك الليلة جعلني أصنفه في خانة التطرف ، فإذا كان فكر داعش وفكر طالبان وفكر القاعدة وفكر بوكو حرام هو فكر ضد الحياة ، فإن فكر من فكر في عرض تلك السهرة بتلك الطريقة ، هو فكر ضد الهوية وضد التراث وضد الثقافة الحقة ، إنه فكر غارق في السفاهة والانحطاط ، فكر غايته الربح المادي والمالي ، فكر باحث عن عدد المشاهدين لبيع مساحات إعلانية ، ولا يهمه ما يمكن ان ترسخه تلك الصور من ثقافة في أذهان المتلقي لاسيما اذا كان جمهورا ناشئا ، فترى اصحابه لا يجدون خجلا في الجنوح الى اعمال العري والدفع بالنساء العارضات افواجا للكشف عن اجسادهن ومفاتنهن ، وكأن القفطان المغربي لم يستمر طيلة قرون من الزمن إلا على ظهر عارضات عاريات ، وجدت نفسي في حيرة عندما سألتني ابنتي الصغيرة حول لماذا كل العارضات هن شبه عاريات ؟ وأضافت هل من الضروري للبس القفطان المغربي ان تختار العارضة بين الكشف عن السيقان او الصدر ؟ ، وهل هذا الذي يلبسنه هؤلاء العارضات هو قفطان مغربي حقيقي ؟ .

لا يناقشني احد في ان سهرة ليلة السبت للكبار فقط ، فهذه تلفزة مغربية عمومية ، تقتات من جيوب مغاربة نسبة الاسلام فيهم تقارب التسعة وتسعون في المائة ، وهم مجتمع محافظ ، ومن يرى عكس ذلك فإنه يكذب على نفسه ، لذلك وجدت صعوبة في تفسير الجريمة التي اقترفتها القناة الثانية ليلة السبت المشؤوم ، ليس من منظور ديني ، فأنا لست نبيا ولا رسولا حتى اعلم الناس الحلال والحرام ، فهناك مجلس علمي يمكنه الافصاح عن رأي الشرع في تلك السهرة المضرة بالعين والقلب ، لكن من منظورقانوني و انساني ومهني ، فأما من الجانب الانساني فقد أشفقت على تلك النساء العارضات وهن يؤجرن مفاتنهن لمصممات تلك الازياء ، واستغربت كثيرا أن يقع هذا الاستغلال المبتذل والبشع لجسد للمرأة العارضة من طرف المرأة المصممة ، وأن تكون القناة الثانية التي طالما غطت مؤتمرات وندوات تدعو الى احترام المراة وعدم تشييئها ، والى النظر اليها كإنسان بعيدا عن التمعن في مفاتنها ، لكن اتضح انه عندما تهب ريح المال وعائدات الاشهار ، فإنها تعري المرأة برضاها أو غصبا عنها ، وهنا تذكرت قولة وردت في الاثر تقول ” تموت الحرة ولا تتعيش بثديها ” ، فالقفطان المغربي يمكن عرضه والتغني بجماله ورونقه بعيدا عن استغلال جسد المرأة ، فالقفطان الذي لا يروق للجماهير إلا أذا كان فوق جسد انثوي ينضح بالانوثة وتكون تلك الانوثة معروضة بالمجان ، فذاك اعجاب بالجسد المرتدي للقفطان وليس بالقفطان ، ثم ان ما عرضته القناة الثانية ليلتها يشكل من حيث القانون جريمة يعاقب عليها القانون الجنائي ، وهي جريمة ثابتة وفي حالة تلبس ، ولا يبقى على النيابة العامة التي يترأسها السيد وزير العدل والحريات سوى تحريك المتابعة ، فهذا اخلال علني بالحياء ، وترويج لصور اباحية منافية للاخلاق ، وكل هذا يعرض في مكان عمومي ويوجه الى جمهور منه عدد كبير من القاصرين ، فأين هي فصول القانون الجنائي ؟ .

ثم من جانب مهني ، فقد وجدت صعوبة كبيرة في اعتبار تلك الازياء الممزقة من الاسفل والاعلى تدخل في خانة القفطان المغربي ، إنها ألبسة غربية وغريبة عن القفطان المغربي ، فالقفطان المغربي رمز الاصالة والنخوة والهيبة ، لبسته المرأة المغربية في الاعراس والمناسبات أمام الاهل والاحباب ، أمام الأب والجد والعم والابن والخال والعم ، فزادها شرفا وقيمة ، لأنه كان قفطانا حقيقيا مصونا ساترا ، قوته في تصميمه وتناسقه ، ولم يكن القفطان المغربي لباسا كاشفا للمؤخرة والسيقان والصدر والبطن والكتفين ، فهذا ليس قفطانا مغربيا ، وتلك جريمة تزوير اقترفت في حق القفطان المغربي ، الذي هو رمز من رموز الدولة وجزء اصيل من ثراتها ، لذلك عمد المزورون عفوا المصممون الى تزوير وتزييف القفطان المغربي وتقديمه مشوها ليكون عربونا لذوي المال لاجل الاتجار فيه ، ولا ارى الامر يختلف كثيرا عن تزييف العملة الوطنية او المس بالعلم الوطني ، ثم ان محاولة عرض القفطان المغربي تحت انغام موسيقى مايكل جاكسن أو موسيقى الفلامينغو يجعل المتتبع يصاب بالهبل ، ولم يبق سوى القول بان مايكل جاكسون كان يرتدي قفطانا ، أو أن راقصات الفلامينكو كن يلبسن تكاشط .

اختم بالقول انه قبح الله الجشع والطمع والجهل ، حتى لا نعري بناتنا ليعرضن قفاطين مشوهة ، و على ايقاع موسيقى الراب او الروك او الفلامينغو ، إننا بذلك نكون قد فقدنا الشهامة والكرامة والقيمة والمبدأ ، واصبحنا رهن اشارة من يدفع اكثر .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى