الأصالة والمعاصرة ينظم يوما دراسيا

أبو نضال
ينظم فريقا الأصالة والمعاصرة بالبرلمان يوما دراسيا حول موضوع ” السجل الاجتماعي الموحد: مدخل لإصلاح منظومة الحماية الاجتماعية “، وذلك يوم الأربعاء 23 يناير 2019 ابتداء من الساعة الثانية والنصف بعد الزوال (14:30) بالقاعة المغربية – مجلس النواب. وفيما يلي ورقة تقديمية في الموضوع.
تقديم:
ما فتئنا في فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب نسجل بأننا نعيش فترة من الضبابية والانتظارية الشديدة، وثقل الملفات الحارقة، والعجز المزمن للحكومة، وهو ما شكل دافعا موضوعيا لتدخل جلالة الملك أكثر من مرة لتنبيه هذه الحكومة إلى عواقب سوء تدبيرها للشأن العام الوطني، وعدم التقائية ونجاعة سياساتها، وضعف حكامتها، وهدرها للمال العام.لقد تم دق ناقوس الخطر من تزايد الخصاص في مجال العدالة الاجتماعية، رغم وجود أكثر من 100 برنامج اجتماعي. وتم التشديد على أنه لا يمكن بلوغ هدف خلق التشغيل، وبلورة نظام عصري ومستدام للحماية الاجتماعية، في غياب إنجاز طفرة حقيقية في مجال الاستثمار ودعم الإنتاج وخلق فرص الشغل.وأكدنا في فريق الأصالة والمعاصرة مرات عديدة أن الحكومة فشلت في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة، ولم تحترم الوعود الانتخابية لأحزاب أغلبيتها ولا برنامجها الحكومي، وعجزت عن معالجة مظاهر الاحتقان الاجتماعي، وأصبح سجلها حافلا بالقرارات اللاشعبية واللااجتماعية.وأمام هذا الوضع، نتساءل باستغراب: كيف لهذه الحكومة أن تنجح في تنفيذ التعليمات الملكية، بشأن إعادة ترتيب الأولويات المستعجلة للمرحلة الدقيقة التي تجتازها البلاد، في ميدان العدالة الاجتماعية، والحوار الاجتماعي، وإنعاش الاستثمار المنتج للثروة والتشغيل؟
الأداء الحكومي بعيون مؤسسات الحكامة:
إن نتائج التقييم والمراقبة التي قامت بها العديد من المؤسسات الوطنية صادمة ومخيبة للآمال، بحيث وقفت على أنه للحكومة مخططات وبرامج واتفاقات لم تنفذ أصلا، أو لم تنفذ على الوجه المطلوب، وغياب المحاسبة الممنهجة، وممارسة وزارة الاقتصاد والمالية لسياسة التمويه عند صياغة مشاريع قوانين المالية ضربا للشفافية المطلوبة، وخاصة في علاقاتها بالبرلمان، ومع مؤسسة الرقابة العليا على المال العام بالمملكة.وتدعي الحكومة بأن ميزانياتها هي “ميزانيات اجتماعية”، تركز على الحقوق الاجتماعية كالتعليم والصحة والسكن وتشغيل الشباب وتقليص الفوارق الاجتماعية وتشجيع الاستثمار المنتج للثروة والتشغيل. إلا أن هذه الحقوق كانت موضوع “اهتمام خاص” و”ميزانيات هامة” في قوانين مالية سابقة، لكن تم العبث بها عند الأجرأة والتنفيذ، كما توضح ذلك تقارير المجلس الأعلى للحسابات.علما بأن الحكومة على مستوى الحوار الإجتماعي، جمدت هذا الورش المحوري في ضمان السلم الاجتماعي، وفي تحفيز أساسي للاستثمار في بلادنا. بل الأكثر من ذلك انخرطت وسابقتها في سجال وصدام مع النقابات وممثلي المقاولات، التي نعتبرها محركا أساسيا لعجلة الاقتصاد والتشغيل وخلق الثروة.أما صندوق دعم التماسك الاجتماعي، فقد بلغت موارده 15275 مليون درهم، ولم يصرف منها إلا 6674 مليون درهم. والتكوين المقدم من طرف الجامعات استمر في القطيعة مع متطلبات سوق الاقتصاد والمال والأعمال، وفشل البرامج الخاصة للتكوين (10000 مهندس و 3300 طبيب…) بسبب عدم تحويل الدعم المالي المخصص لهذه البرامج، والتكوين المستمر المقدم من طرف الجامعات لا يتوفر على إطار قانوني ينظمه.إنها أزمة تدبير، فمنهجية هذه الحكومة تتمثل في أنها تمارس سلطة تنفيذية شعبوية من نوع خاص في مشاريع قوانين المالية، حيث تُظهِر حقائق مالية، وتُخفي أخرى، وتوزع الميزانية العامة على برامج ومخططات قطاعية وتغلفها بخطاب مفعم بالتفاؤل والأمل، لاستجداء أصوات نواب الأمة وعطف الرأي العام، وتكسب رهان المصادقة على مشاريع قوانين المالية، لكن عند التنفيذ يتم إفراغ خيارات الميزانية من محتوياتها.
فمشاريع قوانين المالية تعبر بقوة عن غياب التوجه الاجتماعي للسياسة الحكومية، التي لا تعطي الأولوية لتحسين المؤشرات الاجتماعية. ولا تقوم سوى بالمحافظة على التوازنات الماكرو- اقتصادية الكبرى.
كما لا تلجأ الحكومة قبل صياغة مشاريع القوانين إلى عقد أية دورة مع الفاعلين الاجتماعيين للحوار الاجتماعي. ولم تعتمد المقاربة التشاركية فيما يخص التشاور مع الفاعلين السياسيين. واتجهت فقط إلى إضفاء طابع اجتماعي شكلي على المشروع من خلال الإشارة إلى محاور، قد تكون دالة في منطوقها وفارغة في مضمونها.ورغم ذلك، تتحدث الحكومة عن التشغيل، وتشير إلى إطلاق عملية هيكلة عميقة وشاملة للبرامج والسياسات الوطنية في مجال الدعم والحماية الاجتماعية، عبر تنفيذ المخطط الوطني للنهوض بالتشغيل وإيلاء أهمية كبرى لإحداث مناصب الشغل. غير أننا في فريق الأصالة والمعاصرة نقف اليوم على وضعية في غاية الخطورة، من حيث ضعف ساياساتها في مجال التشغيل، بل والانتشار المخيف للعطالة داخل المجتمع.