عالم المرأة

الإجهاض.. الجدل ما زال ساخنا

بعد ثلاث سنوات من التدخل الملكي في قضية الإجهاض، وطلبه صياغة نص قانوني جديد، ما زال الجدل قائما حول صيغة الاستثناءات بين الفاعلين الرئيسيين في هذا الموضوع.
ساد انقسام حاد بين رجال القضاء وفقهاء الدين وأطر الصحة، حول موضوع “الإجهاض بين الدين الطب والقانون”، خلال مناظرة علمية نظمتها “رابطة الأطباء الاختصاصيين في التخدير والإنعاش بالشمال”، السبت الماضي بمدينة طنجة، خاصة عندما دعا البعض إلى مراجعة المادة 453 من القانون الجنائي، وتوسيع حالات الاستثناء، إذ تباينت مواقف وآراء المتدخلين حد النقيض، وأظهرت مدى اتساع الهوة بين مؤيدي تقنين الإجهاض، والمناهضين لإباحته وشرعنته.

لمناظرة التي انعقدت على هامش الملتقى السنوي الثاني تحت شعار “طب الولادة في المقام الأول”، عرفت مشاركة كل من القاضي محمد الزردة، رئيس قسم قضاء الأسرة بطنجة، وشفيق الشرايبي، رئيس الجمعية المغربية لمحاربة الإجهاض السري، وعبد اللطيف حدوش، نائب رئيس المجلس العلمي المحلي بطنجة، والقاضي أسامة النالي، عضو المجلس الجهوي لنادي قضاة المغرب، والمحامي إسماعيل الجباري عن هيئة المحامين، والطبيب الحسين بارو، أستاذ الطب بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء.

لكن بالرغم من حدة الانقسام، أوصى جل المتدخلين في النقاش الذي هيمن عليه البعد الإيديولوجي والثقافي على البعد العلمي الأكاديمي، على ضرورة إرساء مقاربة شمولية حول هذا الموضوع الشائك، تجمع ما بين مراعاة حماية صحة المرأة، وبين حق الجنين في الحياة، ودعوا إلى وضع خطط واستراتيجيات تربوية وثقافية واجتماعية، للوصول إلى أرضية متفق عليها بشأن التعامل مع موضوع رغبة النساء في التخلي عن الجنين.

الشرايبي: أدافع عن صحة المرأة

شفيق شرايبي، رئيس الجمعية المغربية لمحاربة الإجهاض السري، أوضح في مداخلة موسومة بـ “الدفوعات العلمية والطبية لأنصار الإجهاض”، أنه لا يرافع عن الإجهاض هكذا بشكل مطلق، وإنما “يدافع عن صحة المرأة العقلية والنفسية والاجتماعية، وحقها في إيقاف آمن للحمل، عوض اللجوء إلى الطرق غير الآمنة، والتي تعرض حياة النساء للخطر والموت”.

وأبرز الشرايبي المضاعفات والمخاطر المرتبطة عن الإجهاض السري، سواء أكان تحت إشراف طبي أو بدونه، بالإضافة إلى العواقب المرتبطة بهذا الموضوع، من قبيل التخلي عن المواليد والانتحار وجرائم الشرف واعتقال الأطباء، وكشف في هذا السياق عن أن 13 في المائة من حالات الوفيات لدى النساء الحوامل مردها إلى القيام بـ “إجهاض غير آمن” بطرق سرية.

واعتبر أن الحل يكمن في تعزيز الوقاية وتشجيع الثقافة الجنسية وطرق منع الحمل الفعالة وتسريع وتيرة مصادقة البرلمان، على مشروع قانون يوسع الحالات المسموح فيها بالإجهاض القانوني لتشمل الاغتصاب وزنا المحارم وتشوه الأجنة والمرضى العقليين، خاصة وأن القانون الحالي لا يسمح بالإجهاض إلا إن كان الحمل يشكل خطرا على صحة المرأة الحامل.

الشرايبي وفي سياق ترافعه على تقنين الإجهاض الآمن، دعا إلى تعديل المادة 453 التي تنص على “أنه لا عقاب على الإجهاض إذا استوجب ضرورة المحافظة على صحة الأم متى قام به علانية طبيب أو جراح بإذن من الزوج”، وذلك في اتجاه توسيع مساحة الاستثناء ليشمل الصحة العقلية والاجتماعية وليس البدنية فحسب، لأن المرأة التي تفكر في التخلي عن جنينها تعاني حتما من آثار نفسية نتيجة نظرة المجتمع، وتعامل الأسرة والتهميش المحيط بها، وتبعا لذلك يجب مراعاة هذه المعطيات في أية تعديلات تشريعية على الإطار القانوني.

ومضى رئيس الجمعية المغربية لمحاربة الإجهاض السري، في مداخلته، التي لقيت صدى كبيرا عند الأطباء الحاضرين في القاعة، متحدثا عن الجوانب المأساوية في منع الإجهاض، مشيرا إلى أنه كطبيب يأتي إليه آباء وأمهات في مأزق، بسبب حمل غير مرغوب فيه لبناتهم القاصرات، إما نتيجة الاغتصاب، أو زنا المحارم، مضيفا؛ “إذا وضعت امرأة حامل في مأزق في كفة، وجنينها في كفة أخرى، فالأولوية للأم التي تعيش في هذه الحياة، وليس لذلك الجنين الذي سيشكل خطرا على حياتها”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى