مجتمع

من جرائم الاحتلال الاسرائيلي: قتل الأخ قبل زفافه بيوم واحد وأعدم الأخت الأم لثمانية أبناء …

ابو نضال

لم تكن تعلم عزّية الرابي (70 عاما)، أن الاتصال الذي تلقته من ابنتها عائشة هو الأخير، فعائشة موجودة في الخليل منذ ثلاثة أيام لزيارة ابنتها الطبيبة، تستذكر الوالدة وفي قلبها حسرة ما دار في تلك المكالمة: “كيفك يما وكيف أبوي، سلميلي عليه، وديروا بالكم على حالكم هيني مروحة كمان شوي، جاي يعقوب يوخذني”.
ما أن قالت هذه الكلمات حتى أجهشت بالبكاء، وانطلق لسانها بدعاء الرحمة لابنتها الشهيدة، وغالبت دموعها قائلة: “لم أكن أعلم أنه سيكون الاتصال الأخير بيني وبينها، ليتني أكملت معها الحديث أكثر، فقد كان حديث الوداع بيننا”، وسرعان ما أسرتها الدموع لتصمت وكأنها تحاول الخروج من صدمتها العميقة.
عائشة الرابي ابنة السابعة والأربعين عاما من سكان بلدة بديا غرب سلفيت، لها ثمان من الأبناء- ست بنات (أربع متزوجات) وولدين- أنهت تعليمها الجامعي مؤخرا إلى جانب بناتها، فهي تزوجت ولم تكن تحمل سوى شهادة الصف السادس الابتدائي، كانت على موعد مع الشهادة عندما تعرضت لاعتداء نفذه مستوطنون جنوب نابلس أمس، وأدت الحجارة التي ألقيت على سيارة زوجها يعقوب الرابي إلى استشهادها وجرح الزوج.
تعود الوالدة المكلومة لتلملم كلماتها وتروي لنا ما حدث: “ذهبت عايشة الى الخليل منذ ثلاثة أيام لزيارة ابنتها الدكتورة المتزوجة هناك، وكذلك من أجل أن تقدم ابنتها علاجا لأسنانها”، ولكنها لم تعد، قتلوها وقتلوا فرحتنا حيث كانت تحضر وتجهز لعرس إبنتها خلال أيام، ولكن هذا هو الاحتلال الاسرائيلي.
والدة الشهيدة (عزية) قالت :-الاحتلال للمرة الثانية يحرمني من ولدين، حرمني من ابني فوزات عام 1999، وتم اغتياله قبل عرسه بيوم، ومن ذلك اليوم وقلبي يعيش الحسرة، ليأتي هذا اليوم وتلتحق به أخته عايشة، والتي حمّلتها سلامي إليه،
ابنة الشهيدة (لميس)، والتي رغم ما هي فيه من صدمة وألم، حاولت أن تكمل لنا الرواية التي انتهت بحجر ألقاه مستوطن إرهابي، تقول: “من المفترض أننا سنحتفل بزواج أختي بعد أيام، وأمي تجهز لذلك منذ فترة، وهي تواصل الليل بالنهار لتلك اللحظة، لكن الاحتلال قتل فرحتنا بقتل أمي”، وانهت كلماتها بـ “حسبي الله ونعم الوكيل”.
ابنتها الشهيدة (راما) ثماني سنوات كانت برفقة والديها في السيارة تروي ما حدث: كنا في السيارة نحكي ونضحك أنا ووالدي ووالدتي، فجأة انهالت علينا الحجارة كالمطر ولم أعرف ما الذي يحدث غير أن رأسي امتلاء من الزجاج المتطاير، نظرت إلى أمي فرأيتها تنزف من رأسها ولا تنطق، حينها صمتتُ وأخذت بالبكاء.
راما بدت كمن ينتظر خبرا ما، فكانت شاردة الذهن تحاول أن تدرك ما يجري حولها، ومن موقعها بين أخواتها كانت تسأل بين حين وآخر “أجت أمي؟؟”.
وشيع آلاف المواطنين، بعد ظهرأمس، جثمان الشهيدة عايشة الرابي، وانطلق موكب التشييع من المستشفى الى منزلها لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليه، ومن ثم نقل الجثمان محمولا على الاكتاف الى المقبرة وسط هتافات، تندد بجرائم الاحتلال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى