عاطر يطلق السخرية السياسية من قبة البرلمان

لو كان التلفزيون المغربي بقنواته الثلاث يفكر بـ”العقل” لا شك أنه لن يضيع صفقة مربحة مثل كبسولة “الموسطاج”.. فكل بهارات النجاح وأشكال الفرجة والمتعة متمثلة في كوميديا رشيد بوتونس ومحمد عاطر، هذا الثنائي الذي تواطأ على سرقة الابتسامة من قلوب حنّطتها السياسة. “الموسطاج” الذي بدأ يفرض نفسه من خلال مواقع التواصل الاجتماعي كنائب برلماني “دجّال” يتمتع بالحصانة ويتقاضى أجرة شهرة بدون عمل ويركب عربة الدرجة الأولى في القطار مجانا ويطمع في حقيبة وزارية، أصبح جزءا من واقع مرّ يكتوي المغاربة بمرارته. قصص “الموسطاج” ليست من وحي الخيال وأي تشابه بينها وبين الواقع فهو تشابه مقصود.
كيف ابتدأت الحكاية؟
اتفق المخرج رشيد بوتونس الذي مازال يتذكر المشاهدون سلسلته الكوميدية الناجحة مع حسن الفد “الشانيلي تي في” بالقناة الأولى، وفيلمه السينمائي القصير “لا هنا لا لهيه” الذي كان فيه المرحوم الممثل حميدو بنمسعود “بطلا” و”نجما” في فيلم يمثل “نقطة ضوء” في في “عتمة” الأدوار التي لعبها في أفلام سينمائية مغربية، والكوميدي محمد عاطر الذي مازال يبحث عن نفسه وعن “شخصية” يفجر فيها طاقاته الفنية. التقيا في مفترق الطرق: الأول من حي بوركَون بعمقه التاريخي والثاني من حي سيدي مومن بإرثه الشعبي، ليقدما للمشاهدين على مواقع التواصل الاجتماعي كبسولة “الموسطاج”، ذلك البرلماني “الانتهازي” و”الساذج” و”المرتزق” و”الوصولي” الذي أفرزته صناديق الاقتراع، وأنتجته اللعبة الديمقراطية.
نجح الاثنان في رسم شخصية “الموسطاج” بكل تفاصيلها وتناقضاتها وعقدها ومفارقاتها. الأول برؤية المخرج الدقيقة الذي استطاع أن ينفخ في هذه الشخصية روحه “المتمردة” و”الرافضة” لهذا العبث السياسي. والثاني بقدرته الفكاهية على ترجمة “التمرد” من خلال لبوس شخصية “الموسطاج” التي استطاعت أن تلغي اسم “محمد عاطر”، وهذه هي أعلى درجات “التماهي” و”الحلول”، عندما تذوب كيمياء “الشخصية” في “ذات” الممثل حتى تصبح هي ظلّه.